الأخبار

د. خالد الشقران يكتب : كفاكم عبثاً..

د. خالد الشقران يكتب : كفاكم عبثاً..
أخبارنا :  

في زمنٍ تعصف فيه الفوضى الإقليمية، وتتصارع المليشيات والقوى الخارجية على تقاسم النفوذ، يدوي صوت الأردن عالياً وواضحاً: لن نكون ساحة لمعارك الآخرين، ولن نسمح بتسخير أرضنا وسمائنا لتصفية الحسابات الإقليمية أو الدولية. فالأردن، برسالته التاريخية وثوابته الراسخة، دولةٌ ذات سيادة كاملة، تحرس أمنها بيد من حديد، وتُدير شؤون شعبها بعقلانية وحكمة، رافضةً أن تكون رقعةً في لعبة المصالح الدموية التي تُهدد استقرار المنطقة.

فبينما تشكل المحاولات الأخيرة لزرع خلايا إجرامية أو تصنيع أسلحة غير نظامية كالصواريخ وطائرات الدرونز، انتهاكاً صارخاً لسيادة الوطن، واستهدافاً مباشراً لعقدهِ الاجتماعي المتين. يثبت الأردن مجدداً، بقيادته الحكيمة وشعبه الواعي، أنه يمتلك مؤسساته الأمنية والعسكرية القادرة على حسم أي تهديد في مهده.

إن سلطة إدارة البلاد وتقدير المصلحة العامة حكرٌ على الدولة ومؤسساتها الدستورية، ولا يحق لأي جهة، داخلية كانت أم خارجية، أن تفرض أجنداتها عبر تشكيل تنظيماتٍ موازية، ولا يجوز لأي فرد أو كيان أن يستقوي على الدولة او محاولة مغالبتها أو اختلاق أعذارٍ لجر الوطن إلى مستنقع الفوضى.

فالشعب الأردني، الذي خاض معارك البناء والتحدي، يعرف جيداً أن الاستقرار هو بوابة التنمية، وأن أي اختراق لأمنه الوطني هو طعنةٌ في خاصرة كل مواطنٍ غيور.

السؤال الذي يفرض نفسه هنا: من وراء هذه المحاولات اليائسة لزعزعة أمن الدولة؟

تشير الوقائع إلى أن إضعاف الأردن هو لمصلحة تحالفاتٍ إقليمية ودولية تسعى لتعميم نموذج «الدولة الفاشلة»، وتمكين المليشيات كأدواتٍ للهيمنة. فالأردن، بموقعه الجيوسياسي وثباته السياسي، يشكل صمام أمانٍ للمنطقة، وحاجزاً أمام مشاريع التقسيم والتطرف. لذلك، تحاول بعض القوى اختراق حدوده عبر جماعاتٍ ظلامية، أو وكلاءَ طامحين لتحويله إلى ساحة «حرب بالوكالة»، خدمةً لأجندات تمويلية أو عقائدية، لكن هذه المحاولات تتعارض مع إرادة شعبٍ رفض دوماً أن يكون أداةً في يد الغادرين.

لطالما كان الأردن صوتاً للعقل والحكمة في المنطقة، ولم ينجرّ يوماً إلى الحروب العبثية التي تُذكيها دولٌ ومجموعات إجرامية تبحث عن «مجدٍ مزيف» عبر التضحية بدماء الآخرين. وهنا فالسؤال الذي يبقى معلقا: ألا يكفي متاجرة بمشاعر الناس لتحقيق أهداف مشبوهة؟

اليوم، ونحن نواجه أصواتاً تدعو إلى الاستقطاب والتماهي مع صراعات الخارج، نؤكد أن الوطن لن يخوض حروباً بالوكالة، ولن يسمح بتسويق شعاراتٍ تخدم مصالح فصيلٍ أو مجموعات خارجة على القانون على حساب الشعب. فالجيش العربي ومؤسسات الدولة هي الضامن الوحيد للسيادة، وكل محاولة لاستيراد نموذج المليشيات - مهما كان اسمه - هي خيانةٌ للوطن وللأجيال التي ضحت من أجل بقائه.

التحديات التي يواجهها الأردن ليست طارئة، لكنها مرشحة للتصاعد في ظل بيئة إقليمية ملتهبة. لذلك، فإن المواجهة الحقيقية تبدأ بتجفيف منابع الفكر المتطرف، وتعزيز الثقة بين الدولة والمواطن، وفضح الخطاب المُغذي للانقسام. فالأردن، برجاله الأوفياء، قادرٌ على حماية مشروعه الوطني، لكن النجاح يحتاج إلى يقظةٍ شعبية تواجه الإشاعات، وإلى يدٍ أمنية حازمة تقطع الطريق على كل من تسوِّل له نفسه العبث بمقدرات الوطن.

الرسالة الأخيرة لمن يتربصون بالأردن: لن تنجحوا في نقل معارككم إلى هنا، فالشعب الذي أبدع في صناعة الحياة من قلب الصحراء، قادرٌ على حماية إنجازه. والأردن باقٍ، شامخاً كما الجبال، لأن سيادته ليست للمساومة.. إنها دمٌ يسري في عروق كل أردني. ــ الراي

مواضيع قد تهمك