د. سمير صابر بينو : الوطن مسؤوليتنا جميعاً

إن أي تهديد يطال هذا البلد هو تهديد لكل من يعيش على ترابه. وأنا، كأحد أبناء هذا المجتمع، أُدرك تماماً أن هذه التهديدات لا تمسني وحدي، بل تطال أسرتي وأهلي وجيراني وأقاربي وأصدقائي، وكل من يعيش على هذه الأرض الطيبة. وبالتالي فإننا، كمواطنين مخلصين لهذا البلد، نُدين بكل وضوح وحزم أي محاولة للاعتداء على أمنه أو نشر الفوضى في ربوعه. إن مسؤولية حماية بلدنا مسؤولية جماعية، تقع على عاتق كل فرد منّا، فلا يمكن لأي شخص أو جماعة أن تنعم بالأمان في ظل وجود أطراف تعبث بالاستقرار وتسعى إلى تمزيق النسيج الوطني. فالأمن والاستقرار هما أساس المجتمعات السليمة، وأي مساس بهما ينعكس على الجميع دون استثناء.
إنه لمن المؤسف والمؤلم ما تم الكشف عنه من محاولات ممنهجة تستهدف المساس بأمن المملكة الأردنية الهاشمية وزعزعة استقرارها. إن مثل هذه المخططات لا تمس الجانب الأمني فحسب، بل تضرب في عمق البنية الاجتماعية والاقتصادية، وتهدد سلامة الوطن وأمان مواطنيه. فالتحديات التي تواجهنا اليوم ليست عسكرية أو سياسية فقط، بل تشمل محاولات لإحداث الانقسام بين أفراد المجتمع، وبث الفتنة والفوضى بين صفوفه. ومن هنا، فإن مسؤوليتنا الوطنية تحتم علينا الوقوف صفاً واحداً، متماسكين وواعين، في وجه كل من يسعى إلى نزع طمأنينته أو العبث بنسيجه الاجتماعي.
هذه المعلومات المقلقة تؤكد أن الجريمة في وقتنا الحاضر لم تعد مجرد سلوك منحرف يخرق القوانين، بل تحوّلت في بعض صورها إلى مشاريع ممنهجة وخطيرة تتسم بأنها أكثر تطوراً مع التكنولوجيا المتقدمة، وأكثر تنظيماً مع العولمة، وأكثر تقنية بفضل الوسائل الرقمية، وأكثر قبولاً في بعض المجتمعات. إن هذا التحوّل في طبيعة التهديدات يفرض علينا جميعاً، كمواطنين ومؤسسات، أن ندرك حجم الخطر الحقيقي الذي يحدق بأمننا الوطني، وأن نتحلّى باليقظة والمسؤولية في مواجهته، وأن نُسهم بفعالية في الحد من آثاره السلبية. ويأتي في صدارة ذلك تعزيز التعاون الوثيق مع أجهزتنا الأمنية، والتمسك بقيم الوحدة والوعي والانتماء الصادق لهذا الوطن.
وما توصلت إليه التحقيقات يُجسد أيضًا المستوى الرفيع من المهنية واليقظة التي تتحلى بها أجهزتنا الأمنية وقواتنا المسلحة، التي لا تغفل لحظة عن رصد ومتابعة كل من تسوّل له نفسه المساس بأمن الوطن واستقراره. وإذ نُعرب عن عميق تقديرنا واعتزازنا بجهودها الجبّارة، فإننا نؤكد وقوفنا خلفها، صفًا واحدًا، في وجه كل من يسعى لبث الفوضى أو تقويض السلم المجتمعي. فهذه الأجهزة الباسلة كانت وستظل الدرع الحصين لأردننا، والعين الساهرة على سلامة أبنائه.
إن حماية الوطن تبدأ من وعي الفرد بمسؤوليته، وتتجسّد في استعداده للتضحية والعمل المخلص في سبيل أمنه واستقراره. فهذه الأرض التي تجمعنا تحت راية واحدة، تستحق منّا أن نكون صفاً واحداً، نتصدى لكل من ضمر شراً او اراد باهلها وأمنها سوءاً. وليست هذه المهمة حكراً على أجهزتنا الأمنية الباسلة، بل هي مسؤولية جماعية تشمل كل مؤسسات المجتمع وأفراده، من المدارس والجامعات إلى مواقع العمل والمجالس العامة.
إن ثقافة الانتماء لا تُبنى بالشعارات وحدها، بل تُغرس وتُترجم من خلال الأفعال اليومية التي تعكس صدق الولاء للوطن. فالتصدي للتحريض، ورفض الفوضى، والتعاون مع الجهات المختصة، هي كلها واجبات وطنية لا تقل شأناً عن حمل السلاح في ميادين الدفاع. وكل محاولة للإساءة إلى هذا البلد، أكانت بالكلمة أو بالفعل، يجب أن تُقابل بجبهة موحّدة ووعي جمعي لا يساوم على أمنه أو يستهين بمصلحته. فكلما اتحدنا في مواقفنا، كنا أكثر قدرة على حماية أمننا وصون نسيجنا وضمان مستقبلنا المشترك.
حمى الله الأردن وأهله وقائده، القائد الأعلى للقوات المسلحة، جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وولي عهده الأمين، الذي يقود مسيرة تطوير أجهزتنا الأمنية وقواتنا المسلحة بكل حكمة واقتدار، ويواصل قيادة هذا الوطن بثبات وعزم في ظل التحديات الإقليمية والدولية المتزايدة.