حمادة فراعنة يكتب : أفعال تمسّ أمننا الوطني

لو كان ما وقع به مجموعة كوادر وشباب الإخوان المسلمين، ينتمون الى داعش أو القاعدة، أو أي فصيل يساري متطرف، أو قومي متشدد لسهل على الأردنيين استيعاب المفاجأة –الصدمة، بسبب تهريب وتخزين وصناعة أسلحة لإسباب لم يكشف التحقيق دوافعها، فالذين تورطوا في المس بأمننا الوطني، هم من المنفذين، وليسوا من المخططين الذين مازالوا مجهولين، ولكن أحقاً هم من جماعة الإخوان المسلمين؟؟.
«الإخوان المسلمين» في الأردن هم: الفصيل السياسي الأقوى، الأقدم، الأقرب لسياسات الدولة تاريخياً، ولولا فضل خيارات الدولة وأجهزتها ومؤسساتها عليهم، لما وصلوا إلى ما وصلوا إليه من مكانة ورفعة وقوة ونفوذ !!.
فهم الفصيل السياسي الأقدم بتاريخ الأردن، وفي المحطة السياسية الصعبة التي واجهت الدولة الأردنية في التصادم مع الأحزاب السياسية اليسارية والقومية في منتصف الخمسينات، وفرض الأحكام العرفية عام 1957، كانوا الحزب السياسي الوحيد الذي تم استثناؤه من الحظر القانوني، وإنفردوا في العمل مستثمرين المدارس والجوامع والأندية والتجمعات والإذاعة والتلفزيون، واستفادوا من التسهيلات التي قُدمت لهم، وكان جيلي يستمع يومياً من الإذاعة للشيخ إبراهيم زيد الكيلاني ومواعظه السياسية الدينية، كدلالة على ما كان يتمتعوا به من حظوة رسمية.
في مدينة معان عام 1996، وصفهم الراحل الملك حسين على أنهم حزب الدولة، على خلفية ما تمتعوا به من حرية العمل والتحرك والتسلل وسط جماهير شعبنا في المدن والأرياف والبادية والمخيمات، إلى جولة الانتخابات النيابية الأخيرة يوم 10/9/2024 لمجلس النواب التاسع عشر، حيث فازوا بـ31 مقعداً، وهو يعكس القرار السياسي الأمني في احترام نتائج إفرازات صناديق الاقتراع.
تورطهم في عمل وتهريب وتخزين وصناعة الأسلحة، في الأردن جموح غير مستوعب سواء كان ذلك لإسباب «ثورية» أو دوافع «جهادية» للتغيير كما حصل في بلدان عربية، وكما حصل في فلسطين، حيث فازوا بالأغلبية البرلمانية لدى المجلس التشريعي عام 2006، وتسلموا رئاسة الحكومة ورئاسة المجلس التشريعي، ومع ذلك قاموا بالانقلاب الذي أطلقوا عليه «الحسم العسكري» يوم 14/6/2007، وسيطروا منفردين على السلطة في قطاع غزة الى اليوم، وهذا يذكرني بتصريح أحد قيادات الإخوان المسلمين حينما فازوا بالانتخابات قوله: «لدينا الاستعداد لاستلام السلطة في الأردن».
وإذا افترضنا حسن النية أن تسليحهم وتخزينهم وصناعتهم للأسلحة في عمان يعود لدوافع دعم وإسناد حركة حماس، فهو إجراء وتوجه وسياسة وخيار يمس الأمن الوطني الأردني، فالدولة الأردنية رغم معاهدة وادي عربة، تخوض صراعاً سياسياً في مواجهة المستعمرة الإسرائيلية في عناوين:
1 - المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس والخليل ونابلس وحتى الناصرة.
2 - الاستيطان والتوسع والضم لمدينة القدس.
3 - الاستيطان والتوسع والضم للضفة الفلسطينية.
4 - إلغاء مفردات اللاجئ والمخيم والأونروا باعتبارها تمس حق عودة اللاجئين إلى المدن والقرى التي سبق وطُردوا منها وفق قرار الأمم المتحدة 194.
5 - حق الفلسطينيين بالدولة المستقلة وفق قرار الأمم المتحدة 181.
6 - محاولتهم رمي القضية الفلسطينية خارج فلسطين، أهالي قطاع غزة إلى سيناء، وأهالي الضفة والقدس نحو الأردن.
ولذلك يعمل الأردن في مواجهة سياسات المستعمرة، ودعم بقاء وصمود الشعب الفلسطيني في وطنه، ودعم نضاله عبر أربع جبهات، في مواجهة سياسات وبرامج المستعمرة الإسرائيلية العدوانية الاحتلالية الاحلالية:
1 - الجبهة الدبلوماسية السياسية التي يقودها جلالة الملك ومعه وزير الخارجية، وما يتم إنجازه على هذه الجبهة لصالح فلسطين وتعرية سياسات المستعمرة.
2 - الجبهة العلاجية الطبية عبر مستشفيات الخدمات الطبية التابعة للجيش العربي الأردني، اثنان في الضفة الفلسطينية واثنان في قطاع غزة، ويتم بناء مستشفى للولادة ومستشفى للأطراف الصناعية، وكلاهما في قطاع غزة، ليكون أربعة مستشفيات في قطاع غزة.
3 - عبر الهيئة الأردنية الهاشمية وخدماتها الاغاثية بموادها المختلفة إلى قطاع غزة.
4 - المظاهرات الاحتجاجية التضامنية في كافة مدن الأردن، بقرار وحماية مؤسسات الدولة الأردنية الشرطية والأمنية.
الدعم الأردني لفلسطين واجب وضرورة، ولهذا يمكن أن نسمع ونقرأ نتائج ما يقوله شعب فلسطين في الداخل: قيادات مناطق 1948 أبناء الجليل والكرمل والمثلث والنقب رداً على ما يقدمه الأردن لهذا القطاع من الشعب الفلسطيني: الحج والعمرة والجامعات، وأبناء قطاع غزة وما يصلهم من خدمات علاجية واغاثية من الأردن، وأبناء القدس وما يلمسوه في معركة القدس والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة، وأبناء الضفة الفلسطينية والروافع الأردنية المتعددة المقدمة لهم، لهذا كله يستهجن شعبنا أفعالا تمس أمننا الوطني من أي طرف كان. ــ الدستور