محمد خروب : توتّر متدحرج في العلاقات الصينية - الأميركية: حرب باردة أم...؟

دخلت حرب البيانات والتهديدات مُتصاعدة السخونة بين بيجين وواشنطن, مرحلة جديدة تنذر (رغم حرص الطرفين على «ضبط المصطلحات")، بتدحرجها الى ما يُشبه الحرب الباردة، وإن كانت على نوع مُنخفض السخونة نِسبياً, خاصة مع غياب اي إشارة باحتمال حدوث لقاء بين الطرفين على أي مستوى حتى الآن.
وإذا كانت مسألة الرسوم الجمركية التي «رفعها» الرئيس الأميركي ترامب (من 10 بالمئة إلى 20 بالمئة)، بزعم «الإخفاق في مكافحة تهريب الفنتانيل» من قبل بيجين. قد «فجّرت» حرب التصريحات والبيانات ورفع الرسوم بين البلدين، على نحو سارعت فيه السفارة الصينية في واشنطن، الى إصدار بيان شديد اللهجة، أكدت فيه أن «بيجين مستعدة للقتال حتى النهاية»، إذا كانت «الحرب» هي ما تريده الولايات المتحدة»، سواء جمركية أو تجارية أو «أي نوع آخر من الحروب». مُذكِرة/السفارة بتصريحات متحدث وزارة الخارجية الصينية التي قال فيها: «إذا كانت الو?ايات المتحدة تريد حقا حلّ «مشكلة الفنتانيل»، فإن الشيء الصحيح الذي يجب القيام به هو «التشاور» مع الصين، ومعاملة بعضنا البعض على «قدم المساواة». مضيفا: «أما إذا كانت الحرب ما تريده الولايات المتحدة، سواء كانت حرب رسوم أو حرباً تجارية أو أي نوع آخر من الحروب، فنحن مستعدون للقتال حتى النهاية».
نقول: فإن رد وزير الدفاع الأميركي/ بيت هيغسيث كان مثابة سكب للوقود على نار خلافات «قديمة"(بمعنى عمرها أربع سنوات بدأت في العام 2017 وانتهت او قلُ عُلِقت في العام 2021 أي حتى وصول ترامب مرة ثانية قبل أقلَ من شهرين). عندما قال/هيغسيث بغطرسة واستعلاء: إن الولايات المتحدة «لا تريد الحرب»، لكنها «مستعدة» لأي حرب محتملة مع الصين». مُضيفا بصلف: ان «مَن يريد السلام يجب أن يكون مُستعدا للحرب،» وأن واشنطن «يجب» أن تكون قوية كي تكون «رادعة» ضد الصين أو أي دولة أخرى. لافتاً إلى ان الرئيس ترامب «يُدرِك أن السلام يأتي م? القوة،» وأنه ــ ختمَ ــ «يعيد بناء جيش بلاده انطلاقا من هذا المفهوم».
أين من هنا؟
ردَ الصين لم يتأخر لكنه أخذ بُعدا «إنتقاميا ً» جُمركياً مُماثلا, بإعلان وزارة التجارة الصينية الأسبوع الماضي، فرضَ عقوبات على عدد من الشركات الأميركية، بالإضافة إلى فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 15% على بعض الواردات الأميركية. في حين لوَحَ مُتحدث وزارة الخارجية الصينية/ لين جيان ــ عقب إعلان البيت الأبيض أن الرئيس/ ترامب وقّع َأمراً تنفيذياً بزيادة الرسوم الجمركية على الواردات الصينية إلى 20%، بسبب زعمه «إخفاق» بكين في التصدّي للإتّجار بــ"الفنتانيل.» انه/قال المتحدث الصيني ــ في حال (واصلت واشنطن شنّ «حرب ?لرسوم الجمركية والحرب التجارية أو أي شكل من أشكال النزاعات»، ستكون الصين «مُستعدة لمجاراتها حتى النهاية").
من السذاجة الاعتقاد ان التوتر المتصاعد في العلاقات الأميركية الصينية، مرتبط فقط بالملفات التجارية وتوابعها من رسوم جمركية او إجراءات حِمائية، او ميل الميزان التجاري لصالح الصين او خصوصا في سعي ترامب لإجبار الشركات الاميركية على نقل استثماراتها من الصين، الى اميركا او حتى للهند وفيتنام ودول جنوب شرق آسيا, على أهمية وأولوية كل ما سبق على أجندة ترامب, بل ثمة ما هو أهم وأكثر إلحاحاً، وهو «الصراع» على النفوذ من قِبل الإدارات الأميركية المُتعاقبة، سواء كان ساكن البيت الابيض ديموقراطياً ام كان جمهورياً كما هي حال?ترامب، الذي إفتعل مشكلة مع «بنما» مُهددا بــ"استعادة قناتها»، بذريعة ان الصين تديرها/ تُسيطر عليها.. رغم نفي الطرفين البنمي والصين ذلك.
إضافة ــ وهذا هو الأهم ــ ان ترامب وفريقه واظبا الإعلان، ان الهدف من التقارب مع موسكو هو «إبعاد» روسيا عن الصين, وكأن العلاقات الصينية ــ الروسية على درجة عالية من الهشاشة والضعف, على نحو يسمح لواشنطن «الجمهورية", باستعادة السيناريو الخبيث الذي «نَسجَه» في سبعينيات القرن الماضي الجمهوريان/ ريتشارد نيكسون ومستشاره للأمن القومي/ هنري كيسنجر (الذي سيصبح لاحقا وزيرا للخارجية الأميركية), عندما «استثمرا» في الخلاف «العقائدي» بين موسكو وبيجين, بعد وفاة ستالين وصعود نيكيتا خورتشوف ». زد على ذلك «الأزمة «التي إفتعل?ها الإدارات الأميركية المتعاقبة، عندما «تنكرت» بطريقة او أخرى لالتزاماتها باتفاقيات» تطبيع العلاقات الأميركية ــ الصينية, التي نصّت من بين نصوص أخرى على «مبدأ صين واحدة", اي ان «تايوان» جزء لا يتجزّأ «من البر الصيني». كذلك حال بحر الصين الجنوبي الذي «نجح» ساكنو البيت الأبيض على تأجيج الخلافات حوله وبات جزءا من جملة خلافات متدحرجة بين نيجين وواشنطن.
للحديث صِلة.. نُكمِل غداً.
ــ الراي
kharroub@jpf.com.jo