الأخبار

يوسف منصور يكتب: انتعاش الاقتصاد في 2025

يوسف منصور يكتب: انتعاش الاقتصاد في 2025
أخبارنا :  

على الرغم من ان عام 2024 كان مليئاً بمخاضات سياسية وتقلبات اقتصادية ووعود غير أن من الواضح أن الاقتصاد يمر في مرحلة تحسن واضحة للعيان تبشر بانفراج اقتصادي طال انتظاره حيث تنجز الحكومة الحالية ما كان يكتفي البعض من الحكومات السابقة بالوعد به.

الإنتاج الصناعي

ففي الأرقام الكثير مما يدل على تعافي الاقتصاد وبدء زوال أطول فترة ركود مر بها الأردن، فقد ارتفعت كميات الانتاج الصناعي بنسبة 1.1% في ذات العام، وخاصة في قطاع الصناعات التحويلية وذلك رغم انخفاض كميات انتاج قطاع الصناعات الاستخراجية اذا، هنالك انتعاش في الإنتاج.

البطالة

كما بدأت ارقام البطالة بالتراجع من 22% في 2023 الى 21.4% مع انتهاء 2024، والمؤشرات الحالية (ننتظر بفارغ الصبر نتائج المسوحات الأخيرة ولكن شواهد الانخفاض بدت واضحة حتى الآن) تدل على أن البطالة ستنخفض أكثر هذا العام. لاحظ أن البطالة لا تنخفض أو ترتفع بسرعة كالغلاء مثلا بل تتحرك نزولا وارتفاعا ببطء (إلا في حالات الكوارث والأوبئة الحروب). أيضا، يفضل الناس حول العالم (حسب إحصاء للبنك الدولي) الغلاء على البطالة، ففي حال الغلاء تقل القدرة الشرائية للدخل أما مع البطالة فيفقد الشخص الدخل وقدرته الشرائية كليا.

أسعار المستهلك وتوافر السيولة

أيضا، ارتفعت أسعار المستهلك لشهر كانون الثاني من العام 2025 بنسبة 2.29%. مما يدل على توسع القدرة الشرائية بسبب ما تقوم به الحكومة من ضخ للسيولة من خلال السياستين النقدية (تخفيض أسعار الفائدة وعدم وجود بوادر رفع لأسعار الفائدة في الافق خاصةً وان السياسة النقدية لأصحاب الأعمال في أميركا والحزب الجمهوري بشكل عام وترامب خاصة ستكون تحفيزية، أي مُخفّضة للفائدة) والسياسة المالية (رديات الضرائب وتقليص حجم الودائع المطلوبة من الأجانب وتخفيض الرسوم وإزالة الغرامات، كما أصدرت الحكومة العديد من القرارات الاقتصادية الت?فيزية، كإعفاء المرخصين في قطاع النقل من الغرامات المالية وتوحيد الرسوم المفروضة على الشاحنات بين الاردن وسوريا، والحد من سفر المسؤولين الى الخارج). الجميل هنا تماشي السياستين معا لتحقيق هدف واحد: تشغيل الاقتصاد، وهي ظاهرة أجدها جديدة في الإدارة القتصادية لدينا نوعاً ما.

الصادرات الوطنية

نمت الصادرات الوطنية بنسبة 3.3% وازدادت المستوردات بنسبة 1.8%مما قلص العجز في الميزان التجاري بنسبة 1.4%خلال الاحد عشر شهراً الاولى من العام 2024. وبينما ارتفعت الصادرات الوطنية من الصناعات التحويلية كالالبسة ومحضرات الصيدلة فقد تراجعت الصادرات من السلع الخام كالفوسفات والبوتاس والاسمدة الكيماوية لاسباب تتعلق بتراجع الطلب العالمي عليها. مثل هذا يدل على تحسن في الدخل والإنتاج معا. ومن المتوقع نمو قطاع السياحة (الذي يحسب كنوع من التصدير الجالب للعملات الصعبة والداعم للتشغيل وميزان المدفوعات والدينار) هذا الع?م بنسبة 5%، بالاضافة الى تصدير الكهرباء الى دول الجوار مع إعادة تشغيل الربط الكهربائي بين الاردن وسوريا و لبنان.

المساعدات الخارجية

كما أن المساعدات الخارجية من قروض ومساعدات مستمرة ولن تنقطع مما يدعو للتفاؤل والشعور بالأمان بالنسبة للسنوات القادمة. فرغم التهديد بقطع المساعدات الذي ندد به ترامب في أول أيامه بالبيت الأبيض، لقد اكدت الحكومة الاميركية على الالتزام بكافة المساعدات للأردن، ومنها المساعدات الخاصة بالناقل الوطني (600 مليون دولار)، واستمرار المساعدات الدورية (1450 مليون دولار) والمساعدات الاستثنائية. كما تعهد صندوق النقد الدولي بتقديم 750 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات، والتزم الاتحاد الاوروبي بتقديم 3.120 مليار دولار للاردن ل?فترة 2025-2027.

وقد يقول البعض إننا لسنا بحاجة للمساعدات ويجب أن نبتعد عنها ونتكل على الذات مباشرة، ولكن هذا تحليل منقوص وبريء، فالدول لا تدار كالشركات، ولكي نتخلص من الاعتماد على المساعدات نحتاج للكثير من الجهد والوقت لتحسين الاقتصاد من خلال الإجراءات والسياسات المتعلقة بالاقتصاد الجزئي (الأسواق وانتاجيتها والابداع والابتكار والتنمية المحلية وغيرها) وليس الكلي (السياسة المالية والنقدية) فقط. لذا، أعتقد أننا نستطيع التحرر من هذه الاعتمادية على المدى المتوسط وربما البعيد ولكن ليس مباشرة، فتطوير أي اقتصاد يحتاج الى عشرات ال?نين وليس سنة أو سنتين كما قد يعتقد البعض. لذلك، فإن استمرار المساعدات الآن خبر جيد ويشكر كل من عمل بسرعة على ضمان استمرار الدعم.

المشاريع الكبرى

أما بالنسبة للمشاريع الكبرى والاستثمار فيها، فهنالك ما تزيد قيمته على 11 مليار دولار من المشاريع الكبرى سيتم انشاؤها على مدى خمس سنوات ابتداءً من سنة 2025 وحتى سنة 2030. وستكون هذه المشاريع في النقل البري والبحري ونقل المياه وتحليتها والطاقة بالاضافة للصناعات الاستخراجية كالبرومين والفوسفات والطاقة. كلها مشاريع تحسن من الإنتاجية والاعتماد أكثر على الذات.

الثقة بالمستقبل

وبالنسبة للثقة بالمستقبل، فلقد خلص مؤشر شركة ابسوس (شركة أبحاث سوق مستقلة) لثقة المستهلك الأردني (وهو مسح وطني ربع سنوي لآراء المستهلكين حول الوضع الحالي والمستقبلي للاقتصاد المحلي، وتقييمهم لأوضاعهم المالية الشخصية، وتوجهاتهم للادخار والاستثمار) إلى ارتفاع ثقة المستهلك الأردني خلال الربع الأخير من العام الماضي بنسبة 38.5% مقابل 35.5% خلال الربع الثالث من نفس العام.

تكمن أهمية مؤشر ثقة المستهلك في كونه مؤشراً أساسياً لتوجهات الاستهلاك في السوق المحلية، حيث لفت استبيان المؤشر إلى أن الأردن شهد انحساراً للسلبية مقارنة مع الربع الثالث من العام الماضي، خاصة فيما يعنى بتوقعات الاقتصاد المستقبلية حول الوضع الاقتصادي للبلاد وأوضاعهم المالية الخاصة. إن ارتفاع ثقة المستهلك ينبئ بارتفاع في حركة الاستهلاك وزيادة بالإقبال على التمويل والاستثمار بما في ذلك من دفع لعجلة النمو الاقتصادي.

وحسب الاستبيان يشعر واحد من كل ثلاثة من الأردنيين بمزيد من الأمل تجاه حدوث تحول اقتصادي إيجابي خلال الستة أشهر المقبلة، فيما يعتقد 50 بالمئة منهم أن الوضع العام للبلاد يسير نحو الافضل.

كما بين الاستبيان أن الاردن شهد أكبر ارتفاع في مستويات ثقة المستهلكين في قدرتهم على الاستثمار أو الادخار لمستقبلهم، حيث ارتفع ترتيب الاردن ست مراتب خلال العام الماضي على هذا المؤشر ليصل الى المرتبه 19 من أصل 25، متقدماً بذلك على دول عدة، مثل روسيا وايطاليا وتركيا. واشار الاستبيان الى أن 60%من العينة التي تم استطلاعها يعتقدون أن هذه الحزم الاقتصادية التي اقرتها الحكومة لها تأثير إيجابي وستعمل على تحسين ظروفهم المعيشية.

نعم، العام القادم أجمل (اقتصادياً)، إن شاء الله.

ــ الراي

مواضيع قد تهمك