الأخبار

عصام قضماني : مشروع ترامب

عصام قضماني : مشروع ترامب
أخبارنا :  

لا يمكن تناول الفكرة التي طرحها الرئيس الاميركي دونالد ترامب بشأن غزة بمعزل عن المشاريع الاميركية في المنطقة.

مشروع ترامب لم يسقط فجأة من السماء فهو بلا ادنى شك مرتبط بمشروع الممر الاقتصادي الذي سبق وان طرحته إدارة بايدن كمنافس لمشرع طريق الحرير الصيني.

لا يمكن إغفال مشروع القناة التي ستربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط مرورا بشمال غزة في سياق المشروع، وأظن أن القيادة المصرية تعي مخاطر هذا المشروع البديل لقناة السويس.

إلا يمكن أن يتم هذا كله بوجود الشعب الفلسطيني أم أن المطلوب منطقة فارغة تماما من السكان لمنع أي تهديد محتمل؟

ان الإدماج الحقيقي والواقعي للشعب الفلسطيني في مشاريع المنطقة لن يتم إلا عبر قيام دولة فلسطينية مستقرة، لان الاستقرار هو أساس التنمية الاقتصادية، لماذا قد يشكل الفلسطينيون تهديدا او عائقا لمشاريع تخدمهم ويكونون جزءا منها؟!

الممر الاقتصادي الكبير الذي يربط آسيا بأوروبا عبر الشرق الأوسط، هذا هو المشروع الذي يتحدث ترامب عن جزء بسيط منه لكنه العائق الأكبر لتمريره.

مرحبا بكل المشاريع الاقتصادية إن كانت تصب في نهاية المطاف في تحقيق الرفاهية والتنمية لشعوب المنطقة شريطة أن تكون هذه الشعوب جزءا منها ولاعبا رئيسيا فيها دون تمييز في المكاسب والفوائد.

لا نغفل أن التنافس الصيني الأميركي كان سبباً في طرح المشروع الأميركي لربط الهند بالشرق الأوسط بأوروبا، لكن يجب ألا نغفل أيضاً أن الولايات المتحدة تريد أن تكون إسرائيل مركزه ومحوره وان تكون المستفيد الأكبر منه.

يجب ألا نغفل أن إسرائيل هي المحور الذي سيربط آسيا بأوروبا في هذا المشروع المفترض الذي سيمرر خدمات التجارة والتكنولوجيا والطاقة والغاز والنفط وسيذيب الفوارق الثقافية والتاريخية والحضارية والدينية.

صحيح أن المشروع يأتي رداً مباشراً على المشروع الصيني «الحزام والطريق». ويعيد للأذهان الحرب الباردة. ولكن المشروع هو أيضاً يكفل دمج إسرائيل بالمنطقة بل وجعلها أساساً فيها لكن بأدوات اقتصادية.

لكن هذا المشروع لا يواجه فقط عقبات اقتصادية بل هو يواجه أيضاً عقبات سياسية تعيق شرط إدماج إسرائيل بالمنطقة، فبعد الحرب على غزة لن ينجح هذا الدمج إلا بقبول إسرائيل منح الشعب الفلسطيني دولة من غير المعروف شكلها ونوعها وسيادتها وحدودها، لكنه شرط ستدفع الولايات المتحدة إلى تحقيقه لتمرير المشروع وضمان أن تساهم في تمويله دول الشرق الأوسط الثرية..

ربما تكون الحرب على غزة وامتدادها أخرت قليلاً الإعلان عن أهم التفاصيل المتعلقة بالمشروع، لكنها لم تنهه، بانتظار سحق كل أشكال العراقيل ومنها ما يهدد أكبر احتياطي للغاز في البحر الابيض المتوسط قبالة سواحل غزة.

qadmaniisam@yahoo.com

مواضيع قد تهمك