الأخبار

هاني الهزايمة : حملات التضليل واستهداف الموقف الأردني الثابت

هاني الهزايمة : حملات التضليل واستهداف الموقف الأردني الثابت
أخبارنا :  

موقف الأردن تجاه القضية الفلسطينية لم يكن يومًا خاضعًا للمساومة أو التأويل، بل ظل راسخًا على مدار العقود، مستندًا إلى ثوابت قومية لا تقبل الانحناء أمام الضغوط. هذا الموقف أكده جلالة الملك عبد الله الثاني خلال لقائه مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لكن سرعان ما تعرض لتشويه متعمد عبر حملة إلكترونية ممنهجة استندت إلى تحريف متقن لتصريحاته، في محاولة لضرب صورة الأردن وإرباك مواقفه الدولية. التحريف الذي قامت به صحيفة نيويورك تايمز لم يكن مجرد خطأ بريء، بل بدا وكأنه جزء من مخطط مدروس، حيث تم استبدال أربع كلمات في?تصريح الملك، مما أدى إلى تحوير المعنى من تأكيد رفض الأردن القاطع للتهجير إلى الإيحاء بفتح الباب أمام مناقشة آليات التنفيذ.

الأخطر من ذلك أن بعض المنابر الإعلامية العربية، التي لطالما تبنت خطابات معادية للأردن، سارعت إلى الترويج لهذا التحريف وكأنه حقيقة دامغة، دون أي محاولة للتحقق من المصدر الأصلي. هذه الوسائل لم تكن معنية بإظهار الحقيقة، بل وجدت في هذه الفرصة مادة جاهزة للتشكيك بموقف الأردن وتحميله مسؤوليات زائفة. بعض المواقع ركزت هجومها على الادعاء بأن الأردن تنصل من مسؤولياته بإلقاء الكرة في الملعب المصري، منتظرًا ما ستقرره القيادة المصرية، وكأن الموقف الأردني جاء تهربًا من المواجهة. لكن في الواقع، فإن ما قاله الملك عبدالله ?لثاني هو تجسيد لمبدأ طالما طالب به العرب أنفسهم، وهو أن القضية الفلسطينية ليست مسؤولية الأردن وحده، بل مسؤولية عربية مشتركة، وأن أي حل لا بد أن ينبثق عن توافق عربي شامل، لا عن قرارات فردية. الملك لم يكن يتنصل من دوره، بل كان يضع الأمور في نصابها الصحيح، مؤكدًا أن الأردن لا يمكن أن يتخذ قرارًا بمعزل عن أشقائه العرب. فهل أصبح التنسيق العربي تهمة؟ ولماذا يُدان الأردن عندما يطالب بإجماع عربي حول واحدة من أخطر القضايا المصيرية للأمة؟

الضغوط على الأردن لم تتوقف عند حدود التلاعب الإعلامي، بل امتدت إلى محاولات الابتزاز الاقتصادي والسياسي، عبر التلويح بتقليص المساعدات، وفرض قيود على صادراته، وحتى التلاعب بتدفق الموارد الأساسية كالماء والغاز. لكن الأردن، الذي لم يخضع يومًا للابتزاز، ظل متمسكًا بمواقفه رغم كل التحديات. القيادة الهاشمية، التي حملت على عاتقها الدفاع عن فلسطين منذ عقود، لم تتخلَّ يومًا عن التزاماتها القومية، ولم تتاجر بالقضية كما فعل البعض، بل جعلتها جزءًا من هويتها السياسية والدبلوماسية.

ما جرى خلال الساعات التي تلت لقاء الملك بترامب ليس سوى حلقة جديدة في مسلسل الاستهداف الممنهج للأردن، لكنه في الوقت ذاته شهادة إضافية على أن هذا البلد، بقيادته الهاشمية، لا يزال العقبة الكبرى أمام أي محاولات لتصفية القضية الفلسطينية. الأردن لم يكن يومًا عائقًا أمام الحلول العادلة، لكنه رفض ويرفض أن يكون جزءًا من أي تسوية تتجاهل حقوق الشعب الفلسطيني. ومهما تكاثرت حملات التشويه، تبقى الحقيقة ساطعة كالشمس: الأردن لم يساوم، لم يبع، ولم يخضع، ولن يكون إلا حيث يجب أن يكون، في طليعة المدافعين عن الحقوق المشروعة لش?ب فلسطين.

مواضيع قد تهمك