الأخبار

بشار جرار : فرص ماسية في «عصر أمريكا الذهبي»

بشار جرار : فرص ماسية في «عصر أمريكا الذهبي»
أخبارنا :  

هي فرص ماسية، للحاجة الماسة إلى اغتنامها. عندما يتعلق الأمر بأولويات الأمن والسيادة والهوية، الأمر يعني الجميع وفي الصميم. الفرص التي تحملها ولاية الرئيس السابع والأربعين لأمريكا قد لا تتكرر.
في حفل التنصيب ظهيرة الإثنين، وصف دونالد جيه ترامب العشرين من يناير 2025 بيوم التحرير! أمريكا تعرف يوما واحدا في ذلك المعنى، اسمه يوم الاستقلال، وستحتفل بحلول ذكراه المئتين وخمسين خلال ولاية ترامب الثانية والأخيرة.
«التحرير» الذي عناه الرئيس القديم الجديد، هو ما وصفه «ثورة الأخذ بالمنطق» والكف عما كان يصفه بجنون اليسار المنحل المختل في تغوله على الحريات والمفاهيم والمبادئ التي قامت عليها أمريكا «الآباء المؤسسين». من الرسائل التي وجهها ترامب قبل وبعد أداء القسم، إعلانه «عودة أمريكا» ووقف ما اعتبره «انهيار» البلاد. ترامب لا يريد فقط تحقيق شعاره في حملتين انتخابيتين وهو «جعل أمريكا عظيمة مجددا» بل يعمل بشكل حثيث على زيادة عظمة مساحتها وصورتها وهيبتها في العالم. التعهد ب «استعادة قناة بنما» وتسمية خليج المكسيك «خليج أمريكا»، وسعيه إلى شراء غرينلاند بصفقة تجارية أو عبر استفتاء من مملكة الدنمارك العضو في الحلف الأطلسي، يعني إشهار مبدأ «مونرو-ترامب» القاضي بضمان أمن نصف الكرة الأرضية الغربي. الأمر طرح كأولوية أمن قومي لا رغبة بالاستحواذ الاقتصادي. ولا يستهان أيضا بالإشارات التي صدرت عن ترامب قبل التنصيب وخلال لقائه الصحفيين في البيت الأبيض مساء الإثنين، فيما يخص العلاقة مع كندا وعرضه الساخر على رئيس وزراء كندا المستقيل جاستين ترودو بالانضمام إلى أمريكا كالولاية الحادية والخمسين الأمر الذي قوبل باستهجان وأخذ على نحو التعرض لضغوط علنية لغايات التفاوض.
دون الخوض في حربي غزة وأوكرانيا في هذا المقام، كثير من مضامين المئتي أمر تنفيذي التي وقع دفعتها الأولى على نحو غير مسبوق، في أشبه ما يكون مهرجانا انتخابيا -في صالة «كابيتال وان آرينا»- الكبيرة في العاصمة واشنطن، أو لنقل فقط تلك الخاصة بأمن الحدود والهجرة، تعتبر في صميم الأولويات الوطنية لدول الشرق الأوسط، خاصة الدول التي تقيم علاقات صداقة وشراكة مع أمريكا منذ ثلاثة أرباع قرن كالأردن.
من الأوامر التنفيذية ذات الصلة، إعلان عصابات المخدرات تنظيمات إرهابية، وإعلان حالة الطوارئ على الحدود مع المكسيك. تكليف الجيش الأمريكي -القوات الاتحادية- بالإسناد الأمني والعسكري واللوجستي لما يعتبر من صلاحيات الحاكم كونه المسؤول عن الحرس الوطني للولاية.

بقية مقال بشار جرار
فرص ماسية في «عصر أمريكا الذهبي»


لهذا كان الحديث مباشرا في الخطاب الثاني يوم الإثنين مع مؤيدي ترامب في الكونغرس، ومن بينهم حاكم ولاية تكساس غريغ آبوت. إن أضفنا عنصر البت في طلب الهجرة عبر البقاء بالمكسيك وليس من داخل الأراضي الأمريكية عبر المعابر القانونية أو التسلسل عبر عصابات التهريب والاتجار بالمخدرات والبشر والجريمة المنظمة، فإن ملف الهجرة غير الشرعية الذي يعاني منه عدد من دول الشرق الأوسط -معبرا أو مقرا- سيرى في إدارة ترامب الثانية صديقا.
حتى قضايا التجنيس والمواطنة، يتم التدقيق فيها بعناية لغايات التصويب، وأول القطر كان بإسقاط «حق اكتساب المواطنة بالولادة» وتلك معركة قضائية دستورية ليست بالسهلة وستحدث ضجة كبرى. لكن من الناحية العملية، ليس خفيا أن عشرات الملايين حصلوا بشكل غير قانوني على الإقامة والرعاية الطبية والاجتماعية والمواطنة عبر ما يعرف ب «آنكر بيبي» وهو الطفل الذي يستغله أحد الوالدين لتثبيت نفسه -إقامته- في البلاد كونه وصيا راعيا له وإن كان حتى ثمرة علاقة غير شرعية! ويزداد الأمر تعقيدا بما يتبع ذلك التجنيس من «سلاسل» استقدام الأقارب كزوار فمقيمين فمواطنين.
لا يعني ذلك تراجع أمريكا عن قيمها، فما زالت أكرم بلاد العالم في ملفي الهجرة والمساعدات، لكن زمن «الشيكات على بياض» قد انتهى وفقا لمبعوث ترامب الشرق أوسطي ستيف ويتكوف التي قالها مساء الإثنين أثناء خطاب ترامب الثالث في يوم التنصيب، وقد كان بين الحضور أسر المخطوفين لدى حماس من مزدوجي الجنسية الأمريكية والإسرائيلية. كانت ثاني إشارة من ويتكوف حول «اليوم التالي» شرق أوسطيا، حيث حدد أربعة مبادئ رئيسية لسياسة ترامب الشرق أوسطية، أولها احترام سيادة الدول وحقها في اختيار ما تريد داخل وطنها من سياسات..
السيادة والأمن والقوة لحماية السلام الذي يحققه الازدهار، عناوين قد يكون من الأولى التعامل معها وطنيا، بعيدا عن سرديات وشعارات من ثبت خواء خطابهم وفشل سياساتهم منذ عقود. ولاية ترامب الثانية وتعهده بانطلاق عصر أمريكا الذهبي لا يعني الانكفاء الأمريكي بل العكس، ما دام صانع القرار من القطاعين الخاص والعام، قادرا على البحث عن القواسم والفرص المشتركة، بحيث تكون النتيجة أن نربح معا..ــ الدستور

مواضيع قد تهمك