د. عبد الحكيم القرالة : هدنة غزة.. المآلات والطموحات
بعد ماراثون طويل من المفاوضات منذ شهور انجز اتفاق الهدنة بين حركة حماس ودولة الاحتلال وعلى مراحل زمنية متعددة تقوم على وقف اطلاق النار والسماح بدخول المساعدات التي يحتاجها الغزيون من اكثر من عام وأخرى ذات ارتباط بانسحاب القوات الاسرائيلية من مناطق معينة وعودة النازحين لكن هل يدوم هذا الاتفاق؟ سؤال برسم الواقع واجابته مفتوحة وغامضة تبعا للمستجدات...
هذا الاتفاق يمثل خطوة ايجابية مرحليا اذا ما تم التأسيس عليه في قادم الايام ليكون وقفا مستداما لاطلاق النار والتأسيس لفتح افق سياسي يقوم على احياء عملية السلام مجددا وصولا لسلام عادل وشامل عبر اعادة الحقوق للاشقاء الفلسطينيين واقامة دولتهم المستقلة القابلة للحياة على التراب الوطني الفلسطيني وحل الدولتين السبيل الوحيد.
لكن ماذا يحمل قادم الايام من احداث وتحولات تسهم في ضمان ديمومة هذا الاتفاق ونجاحه او بالعكس هشاشته والانقلاب عليه وفشله تلك اسئلة كبيرة تحتاج الى اجابات واضحة وجوهرية تتمحور حول ارادة الاطراف الرئيسية بالصراع وباقي الاطراف ذات الصلة بالملف الفلسطيني.
الايام حبلى بالتطورات والتي نتمنى ان تكون ايجابية وان يتم التقاط هذه اللحظة الفارقة والمهمة في الصراع والبناء عليها ايجابا باتجاه انهاء هذا الصراع الازلي وعدم العودة الى مربع العنف والاجرام مرة أخرى ما يتطلب تظافر الجهود من قبل كافة الفواعل الرئيسيين ذات الاشتباك بالقضية الفلسطينية.
مخاوف كثيرة وكبيرة من إفشال هذا الاتفاق والعودة الى الحرب مرة اخرى في ظل وجود حكومة اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو والذي لا يريد لهذه الحرب ان تنتهي ويسعى لاطالتها والاستمرار في جرائم الحرب والابادة بحق الاشقاء الفلسطينيين لتحقيق المبتغى الخبيث بتصفية وانهاء القضية الفلسطينية فضلا عن مآرب شخصية نفعية مرتبطة باطالة عمره السياسي وعدم تعرضه للمساءلة القانونية.
المطلوب اليوم من الشرعية الدولية بشخوصها وفواعلها وقوانينها ومواثيقها ان تتحمل مسؤولياتها القانونية والانسانية والاخلاقية بتجسيد مفهوم العدالة الدولية التي غابت وسقطت في اختبار غزة الامر الذي يجب ان يقوم على لجم كل هذا العنف والاجرام والشطط الاسرائيلي.
الجميع يعرف ويعي تماما ان غياب ايجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية سبب رئيس في زعزعة الامن والاستقرار في المنطقة ناهيك عن ارتداداتها على السلم والامن الدوليين لذا لن تنعم المنطقة بالامن والسلام الا باعادة الحقوق المسلوبة للشعب الفلسطيني واقامة دولتهم المستقلة ذات السيادة.
من هنا على الجميع أن يتحرك ضمن هذا المنطلق بعيدا عن سياسة التحالفات والمصالح خصوصا القوى الداعمة لدولة الاحتلال وفي مقدمتها الولايات المتحدة في اطار تحقيق الامن والاستقرار في المنطقة عبر الضغط القوي والفعلي على حكومة اليمين المتطرف بضرورة العودة الى احياء عملية السلام كسبيل وحيد لتجاوز هذا الصراع.
جملة القول؛ ما تم انجازه من اتفاق الهدنة تحول مهم وخطوة اولى الى الامام في اطار انهاء حرب الابادة ووقف كل هذا الاجرام ابتداءً وبالتوازي فرصة ذهبية لفتح افق سياسي لايجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، غير ان كل ذلك يحتاج الى توافر ارادة دولية جمعية قائمة على التكامل والتشارك بين كافة الاطراف لتحقيق الغاية المرجوة التي ستجلب معها الامن والاستقرار للمنطقة...الراي