فارس الحباشة : الأردن وحماس.. مرة أخرى
قبل وبعد حرب غزة كنت من المناشدين والمنادين القلائل، ومن خارج «جماعة الاخوان المسلمين» في ضرورة اعادة النظر في علاقة الدولة الاردنية بحركة حماس.
وكتبت مقالات وتحدثت للاعلام المرئي والمسموع، ودخلت في سجالات طاحنة، وحاولت في اطروحاتي ما بعد 7 اكتوبر أن اكسر الجمود في العلاقة بين الاردن وحماس، وذلك في طرح اسئلة عبر الاعلام حول ضرورة المراجعة في ضوء راهن اقليمي وعربي مستجد.
ومن بعد إعلان وقف اطلاق النار في حرب غزة، وقد دخلت يومها الثالث. فان موقفي ازداد تفاعلا مع ضرورة فتح قنوات اردنية سياسية مع حركة حماس وترميم العلاقة معها وانعاشها، خصوصا أن ثمة متغيرات كبرى قد شهدها الاقليم بعد سقوط نظام بشار الاسد.
حماس اعلنت عن زيارة مرتقبة الى دمشق. وان وفدا رفيع المستوى يضم قيادات سياسية حمساوية سيزور دمشق قريبا، ويلتقي ادارة الحكم الجديد، وعلى رأسها أحمد الشرع.
ويبدو أنها محاولة سياسية لحماس في فتح نوافذ اقليمية، وطبعا عبور وعودة حماس الى دمشق سوف تمر من انقرة.
نعرف أن حماس تربطها علاقة وثيقة في ايران. وكانت تتلقى معونات ومساعدات ودعما ماليا. ولكن، الاقليم شهد تغيرات عميقة، وانقلابات في المحاور، ومراكز الثقل الاقليمي.
وانقرة اول من نصح قيادة حماس السياسية في الخارج بزيارة دمشق وفتح نوافذ مع أحمد الشرع والحكم الجديد.
وفي الحديث عن مراجعة علاقة الأردن مع حماس. ثمة ضرورة فلسطينية، ومن الحتمي استيعابها في عمان، وهي الوحدة الوطنية الفلسطينية، وتشجيع الفلسطينيين على الوحدة ونبذ الفراق، والاختصام، والانقسام الفصائلي، وفي ضوء التباحث الفلسطيني والاقليمي والدولي لمستقبل غزة ما بعد الحرب.
والاردن في علاقته مع القضية الفلسطينية لم يكن يوما فصائليا او مرتبطا مع تنظيم فلسطيني. وارجعوا الى تاريخ القضية الفلسطينية والعلاقة الاردنية، وما بعد 1970.
وحافظ الاردن على انفتاح مع الفلسطينيين. وعمان كانت محجاً الى قيادات فلسطينية من جبهة شعبية وجبهة ديمقراطية وفتحاوية، وحماس، ولم يفكر الاردن يوما أن يكون منحازا الى تنظيم او فصيل فلسطيني.
وعندما يوجه الاردن دعمه ومساعداته واسناده السياسي واللوجسيتي الى غزة وفلسطين، فانه لا يستهدف فصيلا او تنظيما معينا.. وانما، هو موقف الاردن التاريخي، ولا يتدخل الاردن في العلاقات الفلسطينية.
والاردن في مواقفه لا يحتاج ويبحث عن مزايدة او اعتراف من أحد ورد للجميل. ومن يقرأ التاريخ يعرف أن عمان كانت بيتا دافئا لقيادات حماس. واعتداء اسرائيل على خالد مشعل رئيس الدائرة السياسية كاد ان يطيح في اتفاقية وادي عربة. وكيف تعامل الملك الراحل الحسين مع الحادثة وكسر أنف نتنياهو، وانقذ مشعل واطلق سراح احمد ياسين مؤسس حماس.
والاردن لم يتغير، وهي شيم وثوابت اردنية.. وفي كل الاختبارات الاقليمية والعربية عزيمة الدولة الاردنية تحرج جارحيها..
وفي كل الحسابات والمقاييس السياسية، مراجعة علاقة الدولة الاردنية بحماس ضرورة استراتيجية. وفي تتبع متغيرات وتحولات الاقليم نحاول ان نترجم ونسمع لغة التشافه والخطاب، وماذا تتراسل الدول في اقليم يفقد السيطرة على مصيره؟!
ــ الدستور