الأخبار

علي البلاونة : التغيير الجيوسياسي في المنطقة

علي البلاونة : التغيير الجيوسياسي في المنطقة
أخبارنا :  

عمليا هناك متغيرات عديدة، وتحالفات جديدة، وتوازنات مختلفة، والجميع منخرط ومنغمس في الترتيبات علانية وسرا، وهذه التغييرات تحتاج منا مزيدا من المتابعة والمراقبة والتفاعل وأحيانا التحالف في مواجهة مشاريع قد يكون لها آثار سلبية على الأمن العربي، فالدول الإقليمية ساعية بقوة لتحقيق مصالحها، وبعضها وجد حصان طروادة ليكون أداته للتدخل وفرض الأجندات، حيث دارت نقاشات موسعة بين تركيا وقوى إسلامية وكذلك تدير إيران اتصالاتها أيضا.
إسرائيل لازالت تراقب شكل النظام السوري الجديد وتحالفاته، كما أنها تعمل على دعم إضعاف المحور الإيراني وبعض القوى في المنطقة، حيث كان سقوط الأسد، إضعافا لدور إيران، لكن إيران قد تطور أدواتها، باتصالات مع قوى سورية معارضة لحكومة أحمد الشرع.
كما تنظر إسرائيل بقلق للنفوذ التركي المتعاظم في سوريا، مع إشارات تفيد أن الحكومة الجديدة تبدي قدرا من الاستقلالية عن أنقرة، والذي تتفهمه الدبلوماسية التركية، الى جانب أن إسرائيل باحتلالها مزيدا من الأراضي السورية، من شأن ذلك منح الفصائل المتطرفة مجالا للدعوة للتشدد السياسي، ولربما لتحالفات جديدة.
عربيا تحاول الدول العربية دعم استقرار واستقلالية القرار السوري، وتحريره من الضغوط الدولية والإقليمية، ولهذا تحاول حكومة الشرع تعزيز وتعظيم علاقاتها العربية، كما أنها بدأت في الاستئناس برأي العديد من الدول الشقيقة والصديقة فيما يتعلق بالأمن الداخلي، واحترام التنوع والاختلاف السوري.
تبقى الورقة الكردية، هي إحدى الأوراق المزعجة لدمشق، رغم محاولات مظلوم عبدي التقرب من الشرع، ومحاولة توليد مقاربة سورية داخلية بعيدة عن الضغوط التركية، وقد يتوصل الطرفان لتفاهمات خاصة وأن هناك رغبة أميركية بهذا الشأن لكنها تصطدم بموقف من الشرع ووزير دفاعه، حول وحدة الأراضي السورية، وحل السلاح، والانضواء للجيش ليس ككتلة.
الأكراد يؤكدون أنهم يساعدون القوات الأميركية بالسيطرة على الإرهاب ومواجهة تنظيم داعش، غير أنهم أيضا قلقون من احتمالية أن يقرر الرئيس ترامب سحب قواته من سوريا، وهذا الانسحاب يتطلب مكافأته بمنظومة من التحالفات مع العلويين أو الدروز أو مع إيران وبقايا من قيادات الجيش السابق، وميليشيات عراقية.
الرئيس مسعود برزاني، والمعروف بحكمته، وقربه من القيادة الكردية، أجرى وساطات بين تركيا وقوات سوريا الديمقراطية، خفضت نسب التوتر، كما أن إضعاف الورقة الإيرانية، وعودة ترامب، تمنح كردستان العراق قوة إضافية في العملية السياسية العراقية، وزيارة رئيس حكومة كردستان العراق للاردن، تنخرط ضمن هذه الجهود.
الجهود الدبلوماسية الأردنية كثيفة وعديدة وفاعلة ومؤثرة، وهي منفتحة جدا على العراق وسوريا ولبنان والسلطة الفلسطينية، وغزة، الى جانب العمق العربي المهم وبخاصة مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج ومصر، حيث تحاول الدبلوماسية الأردنية تدعيم الاستقرار في المنطقة ودول الجوار، وفرض أمر واقع يحول دون قيام الحكومة الإسرائيلية بتنفيذ وعودها في الضفة الغربية، فالاستقرار يمنح الأردن ودول المنطقة قوة إضافية لفرض معادلات إقليمية بالتعاون والإدارة الأميركية والعديد من الدول الغربية.
الاهتمام الحكومي بالشأن الداخلي أمر غاية في الأهمية فالبيئة الإقليمية لازالت قلقة، وعلينا الانتظار لما تسفر عنه توجهات إدارة الرئيس ترامب، وكيف يمكن أن نعزز علاقتنا بمؤسسات صنع القرار الأميركي، خاصة وأن رصيدنا كبير ومهم وحيوي، وهذا يسمح لنا في تقديم رؤية أردنية متماسكة للإدارة الأميركية. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك