سارة طالب السهيل تكتب : تطوير رقمنة لغتنا العربية فرض عين(١-٢)
تعد لغتنا العربية من أثرى لغات العالم في مقوماتها الصوتية والتشكيلية والتعبيرية والمجازية، ولذلك حوت علوم العالم واستوعبت المعارف والمعلومات عبر التاريخ القديم والمعاصر، فكانت لغة للفكر والإبداع والعلوم والثقافة والدين معا، فضلا عن كونها مرتكزا أساسيا للهوية العربية.
وفي عالمنا المعاصر يتحدث بلغة الضاد نحو 450 مليون شخص حول العالم، وتمثل اللغة الرسمية في 25 دولة، وفقا لتقديرات الأمم المتحدة الرسمية.
ونجحت لغتنا الجميلة في تحقيق مراكز متقدمة بالنسبة للغات العالمية، حيث تجيء في المرتبة الرّابعة عالميّا بعد الإنجليزيّة، الصينيّة، الإسبانيّة، وذلك ارتباطا بارتفاع عدد مستخدميها على الشبكة العنكبوتية بنحو 238 مليون مُستخدِم ومستخدمة، وتسجيلها أعلى نسبة نموّ بين الأعوام 2000—2020 في استخدام اللّغة العربيّة على الإنترنت بنسبة 9.348%.
ورغم هذه المؤشرات المهمة إلا أن المحتوى الرقمي العربي لم يستطع المنافسة عالميا، فبحسب التقديرات، فان نسبة المحتوى العربي تتراوح ما بين 3 إلى 12% فقط من المحتوى العالمي.
ويرجع تدني المحتوى الرقمي العربي إلى عوامل عديدة أبرزها ضعف مستوى المنتج العربي على الصعيدين الكمي والكيفي حسب ما يؤكد المراقبين المتخصصين في هذا الشأن، مقارنة باللغات الأخرى وعلى رأسها الإنجليزية، وهذا يفسر زيادة الإقبال على منتجها الثقافي الرقمي وتفوقه وهيمنته على عالمنا العربي والإسلامي، وما يترتب على ذلك من نتائج كارثية على مستقبل هويتنا العربية.
بينما يعد مواكبة لغتنا العربية للعصر الرقمي وتطويرها وفقا لمعطيات هذا العصر ضرورة حضارية ترتبط ببقائها حية نابضة وللحفاظ على الهوية العربية للأجيال الصاعدة.
ولا يمكن إنكار انتشار الكثير من المنصات الرقمية الناطقة باللغة العربية سواء التابعة لمؤسسات إعلامية، أو الأخرى المستقلة في العديد من الحقول المعرفية المنضبطة والناجحة، الأمر الذي أسهم في زيادة إنتاج المحتوى الرقمي العربي على شبكة الإنترنت على الصعيد المؤسسي، ولكن ليس على الصعيد الثقافي العام.
وهناك جملة من التحديات والعقبات تعوق تنمية وتطوير المحتوى الرقمي للغة العربية على الإنترنت، ليس نتيجة سيطرة اللغة الإنجليزية واللغات الأجنبية الأخرى على محركات البحث فحسب، بل نتيجة غلبة اللهجات العربية المحلية على المحتوى الرقمي خاصة على منصات تويتر وفيسبوك مما يهدد استقرار وتطور اللغة العربية الفصحى على المنصات الرقمية.
بينما اللهجات العامية العربية لا تصلح لأن تكون وعاء لعصر المعلوماتية وتقنيات الذكاء الاصطناعي، فان الواقع يؤكد أن الكثير من المحتوى الرقمي باللهجات العربية يتضمن قدرا كبيرا من الجوانب الاستهلاكية والترفيهية، بينما المحتويات المتخصصة منها يفتقر بعضها إلى الضبط العلمي والتوثيقي.
ومع كثرة استخدام العرب لمواقعَ التواصل الاجتماعي، تبرز الكارثة في أن كثيرا منهم لا يستخدم اللغة العربية في مراسلاته والتواصل.
أصل الداء
فالمشكلة كما رصدها الخبراء المتخصصون ليس في قدرة لغتنا العربية على تصدر لغة البرمجة والرقمنة، ولكنها تكمن في إهمال تعليم اللغة العربية في المدارس في العقود الأخيرة لصالح تعليم اللغات الأجنبية في بلادنا، بجانب عدم اهتمام المؤسسات التعليمية العربية بتطوير مناهج تدريس اللغة العربية وفقا لنظم التدريس الحديثة لكي تواكب التطورات التقنية المتسارعة،إضافة إلى عدم توحيد المصطلحات في المعاجم اللغوية العربية، وغياب مهارات الترجمة للمصطلحات الأجنبية من حيث السرعة وملاحقة التسارع في المصطلحات أو من حيث الدقة في الترجمة ?لى العربية.
هذا يعني أننا مطالبون بالإسراع في إحياء لغتنا الفصحى في مواجهة اللهجات العاميةوالفرانكو والعربي زي أولا بتطوير مناهج تعلميها وفق أسس حديثة تحبب الدارسين فيها. وضرورة الإسراع في توفير الدعم المالي لتطوي الترجمة الآلية، والتعرف الصوتي، ومعالجة اللغة الطبيعية. ــ الراي