م . مهند عباس حدادين : هل تواصل بريكس تمددها أثناء إدارة ترامب القادمة؟
عد اجتماع قازان في روسيا شهر أكتوبر من العام الماضي، تم توجيه الدعوة إلى 13 دولة جديدة للانضمام إلى مجموعة دول بريكس فكان الرد بالقبول كعضوية كاملة من 9 دول هي تايلاند، بيلاروسيا، بوليفيا، كوبا، أندونيسيا، كازاخستان، أوزبكستان، أوغندا وماليزيا، ليصبح المجموع 18 دولة.
ماذا يعني ذلك؟
يعني أن مجموعة دول بريكس سيصبح عدد سكانها 50% من سكان العالم وبناتج إجمالي 40%، كل ذلك في ظل تهديدات استباقية من الرئيس القادم للولايات المتحدة ترامب بأنه سيفرض ضرائب على جميع صادرات دول بريكس 100% إذا تم التخلص من الدولار في التعاملات التجارية بين المجموعة، إما بإصدار عملة جديدة أو التعامل بالعملات المحلية لتلك الدول.
لقد أُجريت بداية هذا العام مكالمة هاتفية بين رئيسي أكبر دولتين في البريكس هما روسيا والصين وتم خلالها إصرار الرئيسين على تقوية العلاقات الاستراتيجية بينهما وخصوصا الاقتصادية، وهنا تكون الإشارة إلى مجموعة بريكس للمضي قدما بالتمدد وإحتضان اي دولة ترغب بالانضمام.
فالسؤال الذي يطرح نفسه لماذا تتهافت الدول الآن على بريكس؟
للإجابة على هذا السؤال هناك عدة أسباب منها:
أولا: السياسة الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة التي فرضت عقوبات اقتصادية على روسيا أثناء حرب أوكرانيا بحجز أصول تقدر بـ 300 مليار دولار.
ثانيا: المضايقات الاقتصادية لبعض دول العالم من خلال التحكم باقتصاداتهم عبر التخفيض غير المبرر لعملاتهم واستغلال مديونياتهم من قبل صندوق النقد الدولي كورقة ضغط سياسية ليدعموا المواقف الغربية في قضايا دولية غير عادلة.
ثالثا: وجود بنك للتنمية لدول بريكس والذي سيعمل على إقراض دول مجموعة بريكس دون شروط سياسية.
رابعا: التخوفات الجديدة من خلال تصريحات ترامب بأنه قد يعمل على احتلال قناة بنما وربما التوسع شمالا لجارته كندا وجزيرة غرينلاند، كل ذلك سيزيد الشكوك عند دول العالم وخصوصا حلفاء الغرب.
خامسا: الدعم الغربي اللامتناهي لإسرائيل والكيل بمكيالين، رغم إرتكابها مجازر في غزة وعدم امتثالها لقرارات الأمم المتحدة ولقرارات المحاكم الجنائية الدولية وهذا أيضا سيؤثر على التعاملات التجارية مع الغرب والتحالفات الاقتصادية في المستقبل والخوف من التغول على الدول الحليفة معها.
على الجانب الآخر السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل دول بريكس الحالية على وفاق تام؟ الجواب: ليس كما يجب بسبب ان بعض دول الأعضاء الهامة مثل الهند لا تزال لديها تحفظات من الصين وقد أشارت الهند حاليا إلى أنها لا تريد من دول بريكس صك عملة جديدة بل التعامل بالدولار، وقد كتبت مقالة قبل عام في جريدة الرأي الغراء بعنوان: هل يهتز بريكس عبر البوابة الهندية؟ حيث تغازل الولايات المتحدة الهند بالانفتاح التجاري عليها وتقويتها إقتصاديا لتحل محل الصين في القريب، وقد رأينا المشروع الأميركي المقترح قبل عامين وهو طريق التوابل والذي سيخدم الهند وسيكون بديلا عن المشروع الصيني الحزام والطريق، لكن المشروع الأميركي بقي حبيس الأدراج بسبب حرب غزة، كل ذلك والولايات المتحدة والغرب في معاناة إقتصادية من المديونية المرتفعة ونسب النمو المتواضعة.
في الختام ما سينجّح التحالفات الاقتصادية هو مدى مصداقية الدول العظمى التي ستدير تلك التحالفات بعيدا عن الأهداف السياسية وعدم استغلال تلك الدول والضغط عليها لتحقيق تلك الأهداف. ــ الراي