الأخبار

كامل النصيرات : أحنّ إلى خبز أمّي

كامل النصيرات : أحنّ إلى خبز أمّي
أخبارنا :  

حين استمع إلى أغنية مارسيل خليفة «أحن إلى خبز أمّي» القصيدة الوجدانية للكبير محمود درويش؛ أنفجر بالبكاء.. فأنا مثل درويش وخليفة عايشتُ خبز أمّي وصاج أمّي وفرن أمّي.. كنتُ أجلس البطانية المخصصة لوضع الأرغفة الطازجة والحارّة التي تخرج توًّا من عين النار.. وأمدّ يدي وهي تبهدلني: ولك اصبر شويّة.. ولكنني لا أصبر لا شويّة ولا أقل من الشويّة..!
كيف لهذا الجيل المتكدّس بخبز الأسواق أن يستشعر تلك الأغنية.. بل هي بالنسبة إليه حالة من العصر الحجري.. كان الطحين موجودًا في كلّ بيت.. والآن موجود ولكنه للبيتزا والكعك وأصناف الحلويّات التي تشبه بعضها في الطعم والشكل والرائحة..!
هل الأمهات الجديدات اللواتي يحملن حقائب مليئة بالمرايا والبودرة وأقلام الهشّك بشّك يشبهن أمّي التي نادرًا ما كانت تحمل حقيبة وإذا حملتها لا يمكن أن يتجاوز حجمها حجم دفتر طلاب مدارس.. ولكن لها «جزدانًا» بحجم الكف ولا يغادر كفّها أينما ذهبت وفيه ثمن مونة الشهر كلّه فقط.. !
بالتأكيد أن الزمان اختلف جدًّا ولا أطالب أصحاب الزمن الجديد من أبناء وأمّهات للعودة لزمني فهذا المستحيل بعينه.. ولكنني أيضًا أطالبهم بأن يرحمونا قليلًا من كميّة الصور والفيديوهات التي تحمل ابداعاتهم الطعاميّة.. لأنها كلّها لا تساوي نصف رغيف طازج وحار يخرج للتو من فرن أمّي وأنا عندها انتظر كي ألقفه برعونة مجنونة تجعل الحياة أبسط من كل تعقيدات اليوم..!
أطال الله عمر أمّي التي تركت فرنها وصاجها ولا شغل لها الآن إلّا الاتصال والمطالبة بـِ تعال اشتريلنا خبز.. وحين أذكرها بين الحين والآخر بخبزها وفرنها وصاجها وإني اشتقت إليه تقول لي بشكل قاطع: والله إنك فَسْقان..! ــ الدستور

مواضيع قد تهمك