الأخبار

حسام الحوراني : الذكاء الاصطناعي الكمي وتمكين المرأة: أدوات لتجاوز العقبات المهنية

حسام الحوراني : الذكاء الاصطناعي الكمي وتمكين المرأة: أدوات لتجاوز العقبات المهنية
أخبارنا :  

أصبح الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية أدوات رئيسية ليس فقط لتغيير شكل الاقتصاد والتكنولوجيا، بل أيضًا لدعم القضايا المجتمعية المهمة، وعلى رأسها تمكين المرأة. تاريخيًا، واجهت النساء العديد من التحديات في سوق العمل في العالم، من فجوة الأجور إلى التمثيل المحدود في المناصب القيادية والمجالات التقنية. لكن اليوم، يمكن للتكنولوجيا أن تكون الحليف الأقوى للمرأة في التغلب على هذه العقبات وفتح آفاق جديدة للمساواة المهنية والاقتصادية.
الذكاء الاصطناعي، بتطبيقاته الواسعة، يقدم حلولًا مبتكرة لدعم النساء في سوق العمل. على سبيل المثال، يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي المخصصة لتحليل بيانات التوظيف أن تحدد الفجوات الجندرية في الأجور والترقيات وتساعد الشركات على تصحيح هذه الاختلالات. كما تساهم أدوات التعلّم الآلي في تحليل أداء الموظفين بعيدًا عن التحيزات البشرية، مما يضمن تقييمًا عادلًا لكافة العاملين بناءً على الكفاءة وليس على أي عوامل أخرى.
الحوسبة الكمية تضيف بُعدًا جديدًا إلى هذا الدعم من خلال قدرتها على معالجة كميات ضخمة من البيانات بسرعة ودقة. يمكن لهذه التقنية أن تقدم رؤى أعمق حول التحديات التي تواجه النساء في مختلف القطاعات المهنية وتحديد الحلول الفعالة لتجاوزها. على سبيل المثال، يمكن استخدام الحوسبة الكمية لتصميم برامج تدريب متخصصة تستهدف تطوير المهارات التقنية لدى النساء، مما يعزز قدرتهن على التنافس في سوق العمل الرقمي.
أحد المجالات التي يمكن أن تستفيد فيه النساء بشكل خاص من الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية هو ريادة الأعمال. تقدم هذه التقنيات أدوات تحليلية متقدمة يمكنها مساعدة رائدات الأعمال في اتخاذ قرارات مستنيرة بناءً على بيانات دقيقة، سواء في اختيار الأسواق المستهدفة أو تصميم المنتجات أو تحسين استراتيجيات التسويق. وبفضل هذه الأدوات، يمكن لرائدات الأعمال التغلب على العديد من التحديات التي كانت تواجههن سابقًا بسبب نقص الموارد أو الخبرات.
علاوة على ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم في تحسين بيئات العمل لجعلها أكثر ملاءمة للمرأة. على سبيل المثال، يمكن استخدام خوارزميات التعلم العميق لتطوير جداول عمل مرنة تأخذ في الاعتبار التزامات النساء خارج العمل، مثل رعاية الأطفال أو إدارة شؤون الأسرة. كما يمكن للذكاء الاصطناعي تصميم مسارات وظيفية مخصصة بناءً على مهارات كل فرد وطموحاته، مما يمنح النساء الفرصة للنمو المهني دون التنازل عن أولوياتهن الشخصية.
من جهة أخرى، تلعب الحوسبة الكمية دورًا حيويًا في تعزيز المساواة الرقمية، خاصة في المناطق النائية أو المحرومة. يمكن لهذه التقنية تسريع نشر البنية التحتية الرقمية وتوفير التعليم التقني عالي الجودة للنساء في المجتمعات الريفية، مما يمنحهن فرصة متكافئة لدخول سوق العمل الرقمي.
على الرغم من الفوائد الهائلة التي تقدمها هذه التقنيات، إلا أن التحديات لا تزال قائمة. يتطلب تحقيق الاستفادة الكاملة من الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية تعاونًا متعدد الأطراف بين الحكومات، والشركات، والمؤسسات التعليمية لضمان توفير الموارد اللازمة للتدريب والتعليم. كما يجب على الشركات أن تلتزم بتطبيق سياسات تضمن العدالة في استخدام هذه التقنيات وعدم استغلالها لتعزيز التحيزات القائمة.
الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية ليسا مجرد أدوات تقنية؛ بل هما وسيلتان لخلق تحول اجتماعي عميق. إذا تم استخدامهما بشكل صحيح، يمكن أن يساهما في تحقيق رؤية مستقبلية حيث تكون المرأة قادرة على تحقيق إمكاناتها الكاملة والمساهمة بشكل متساوٍ في بناء مجتمعات أكثر ازدهارًا واستدامة.
في النهاية، التكنولوجيا ليست هدفًا بحد ذاتها، بل وسيلة لتحقيق العدالة والتمكين لجميع أفراد المجتمع وخاصة في المجتمعات العربية.
* خبير الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي

ــ الدستور

مواضيع قد تهمك