محمد خروب : الاتحاد الأوروبي على خطى واشنطن: «لا» لـتعليق «الحوار» مع إسرائيل!
تمخّضَ «جبل» وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي الـ«27» في اجتماعهم أول من أمس/الاثنين في بروكسل, فولدَ انحيازاً صارخاً للدولة الصهيونية الفاشية العنصرية, في خطوة عكست من بين أمور أخرى, مدى تغلغل النفوذ الصهيواميركي, في هذه الدول التي صدَّعتْ رؤوسنا بثرثرتها ومزاعمها المُزيفة, عن الديمقراطية وحقوق الإنسان, وقِيم الحرية وأفول الحقبة الاستعمارية, وحلول التعاون والمصالح المُشتركة, بدل الغزوات الاستعمارية وتجارة العبيد ونهب الثروات, والزعم بأن استعمارَ «الرجل الأبيض», إنما هو «نِعمة» من الأمم المُتحضِّرة للشعوب المُتخلفة, التي لا تستطيع الخروج من قبضة الأميَّة والتخلّف والأمراض والفقر, بغير دعم ومساعدة الرجل الأبيض.
كان معروضاً على جدول أعمال وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي, «بند» طرَحه مُفوّض الشؤون الخارجية فيه/جوزيب بوريل, ينص على «تعليق» (الحوار السياسي), المُمتد منذ دخول اتفاقية الشراكة مع «إسرائيل» مرحلة التنفيذ في العام/2000. والتي لا تنحصر في الحوار السياسي فقط, بل تشمل ملفات وقضايا اقتصادية عديدة, تبدو إسرائيل المُستفيدة الأبرز منها. زد على ذلك أن بوريل ذكرَ قبل الاجتماع، أن اقتراحه تعليق الحوار, يأتي بعد «عام من المُناشدات التي لم تلقَ استجابة من جانب السلطات الإسرائيلية, بشأن احترام القانون الدولي في الحرب في غزة». دون إهمال حقيقة ان اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ودولة العدو الصهيوني, تنص على (أن العلاقات بين «الجانبين» تقوم على أساس, احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية).
ما يدعو للاستغراب أن مُعارَضة «بعض» وزراء الدول الأوروبية ذات التوجّهات المُتصهينة, جاءت صارخة الانحياز لارتكابات الدولة الصهيونية المارقة, رغم أن اقتراح بوريل بـ«تعليق» الحوار «السياسي», لا يعني مُطلقاً المسّ باتفاقية الشراكة أو حتى تعليقها, بل انطوت دعوة الدبلوماسي الإسباني, الذي سيُغادر موقعه أوائل الشهر الوشيك/كانون الأول 2024, الطلب من رؤساء الدبلوماسية الأوروبية, تطبيق معايير «مُوحَّدة» في التعامل مع الانتهاكات الدولية، لافتاً إلى أن الاتحاد فرضَ عقوبات على «دولٍ أخرى» بسبب انتهاكات «مُماثلة»، مُحذّراً بأن «إعفاء إسرائيل» من العقوبات, يضر بصدقية الاتحاد وخطابه.
وإذ لم يُخفِ وزراء خارجية ألمانيا والنمسا وجمهورية التشيك والمجر وهولندا. رفضهم دعم «طلب» بوريل, حداً وصل بأحدهم/الوزير التشيكي, وصفَ بوريل بـ«المُتقلِّب», فقد كان لافتاً ذهاب وزيرة خارجية ألمانيا إلى تسخيف الأمور, عندما أعربتْ عن «انفتاحها» على اتخاذ إجراءات مُستهدفة ضد «أعضاء» الحكومة الإسرائيلية, الذين «يُشكّكون» في حق الفلسطينيين في الوجود أو القانون الدولي. في وقت كان بوريل يدعو فيه إلى «حظر» استيراد المنتجات من المستوطنات الإسرائيلية, في الأراضي الفلسطينية المحتلة، التي تُعد غير قانونية وفقاً للقانون الدولي. ناهيك عن قوله علناً إن «الكلمات نفدتْ» لوصف ما يحدث في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن حجم الخسائر البشرية في غزة بلغَ نحو 44 ألف شخص، 70% منهم من النساء والأطفال.
ماذا عن خطاب «الشريك» في حرب الإبادة والتطهير العِرقي والتجويع؟
هنا يحضر الرئيس الصهيوني/بايدن, ومندوبته الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا غرينفيلد, إذ أعلن بايدن بحماسة خلال قمة مجموعة العشرين أول أمس/الاثنين في البرازيل، أن الولايات المتحدة ستستمر في «الضغط من أجل التوصّل لوقف إطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح المُحتجزين الإسرائيليين». مُضيفاً خلال افتتاح القمّة في ريو دي جانيرو: «قادتْ الولايات المتحدة المساعدات الدولية إلى غزة» (!!)، وسنواصِل «الضغط» من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، من أجل ـ أردفَ ـ أمن إسرائيل وإعادة المُحتجزين إلى ديارهم، وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني والأطفال، مُستطرداً في تواطؤ مكشوف: «أطلبُ من الجميع (الضغط على حماس) من أجل تحقيق ذلك».
لم تخرج ليندا غرينفيلد، عن النص الصهيوأميركي الذي كرّسه بايدن وبلينكن وسوليفان والجنرال لويد أوستن, إذ «أكّدت» مُجدداً على الحاجة المُلحة لإنهاء الحرب في غزة من خلال (تأمين إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين)، وزيادة المساعدات المُقدمة إلى الفلسطينيين ومواصلة العمل على تجنّب اندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقاً, و«التصدّي لوكلاء إيران الإرهابيين, وأنشطتهم المُزعزعة للاستقرار في المنطقة».
وقالت غرينفيلد خلال الجلسة الشهرية التي توصَف بـ» رفيعة المستوى», التي عقدها مجلس الأمن، أول امس/الاثنين، حول الأوضاع في الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية «لقد تم تأجيج هذا الصراع واستغلاله من قبل إيران، التي قدّمت الدعم لوكلائها وشركائها الإقليميين، وعرّضت بشكل مباشر ملايين الإسرائيليين والفلسطينيين والمدنيين اللبنانيين الأبرياء للخطر». مُضيفة في ابتهاج: أن إسرائيل «نجحتْ في تحقيق أهدافها, المُتمثلة بتفكيك التنظيم العسكري لحماس, والقضاء على قيادتها المسؤولة عن أحداث السابع من أكتوبر. والآن ـ ختمتْ ـ بجب العمل على ضمان عودة الرهائن إلى ديارهم، وألاّ تعود حماس إلى السلطة في المُستقبل». ــ الراي
kharroub@jpf.com.jo