النائب د. فايز بصبوص : قمة الرياض.. خطاب استثنائي لجلالة الملك بمعايير إنسانية
منذ ما يزيد على اكثر من عقد وجلالة الملك في كل لقاءاته وخطاباته ومقالاته كان يركز على أهمية حل القضية الفلسطينية حلا عادلا وشاملا؛ وذلك لان قناعة جلالة الملك تنبع من خلال ما يركز عليه دائما بان لا استقرار ولا سلام ولا تطور اقتصادي وتنمية مستدامة الا بعد حل القضية الفلسطينية حلا جذريا عادلا قائما على حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف أي ما يختصر في المصطلحات السياسية بحل الدولتين..
هذا الخطاب على مدار مسيرة جلالة الملك كان يتسم بالدبلوماسية الناعمة في سياق ثوابته القيمية وسلوكه الإنساني ومن اجل إعطاء فرصة لحوار ينتج عنه مشروع سياسي لحل القضية الفلسطينية دون الصدام او الذهاب الى تصعيد دبلوماسي او سياسي او عسكري.
ولكن منذ بوادر تشكيل الحكومة الصهيونية وفي لقاء جلالته مع محطات التلفزة والقنوات الأجنبية حذر الملك بان ما تدعو اليه ركائز الحكومة الصهيونية القادمة والتي تم تشكيلها لاحقا ستؤدي الى صدام كارثي لا تعير اهتماماً لاي مساع اتجاه عملية السلام وان مشروعها يقوم على أساس تصفوي للقضية الفلسطينية وخاصة فيما يخص أهدافها بعيدة المدى في السيطرة على المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس واتباع سياسة تنطلق من حسم الصراع وليس ادارته على قاعدة مشروع التهجير القسري الترانسفير لفلسطينيي الضفة والقطاع وذلك من خلال اتخاذ?ابشع اشكال الفصل العنصري والتطهير العرقي والضغط على كل مقومات وجود وحياة الانسان الفلسطيني.
وقد حذر جلالة الملك في خطابه الأخير وقبل أحداث غزة في الجمعية العامة وبلغة تختلف اختلافا كليا من خلال حدتها وطرحهاوذلك في استشراف الملك اقتراب المنطقة من تفجير وعنف وهو ما تلمسه جلالة الملك من خلال الضغط الهائل والخروقات المتكررة لمعاهدات السلام والتي تمثلت في سياسة الاقتحامات للاماكن المقدسة والمسجد الأقصى على قاعدة سياسة الاقتلاع والاحلال السكاني والضغط اتجاه الكل الفلسطيني ميدانيا وسياسيا ضاربة بعرض الحائط أي حديث عن افق سياسية لحل القضية الفلسطينية معتبرة ان ادواتها العنيفة ستحل الصراع لصالح الكيان الص?يوني.
اما بعد الاحداث الأخيرة والحصار الخانق لقطاع غزة والقتل الممنهج واليومي للمدنيين خاصة والبنية التحتية للقطاع بهدف تفريغه من سكانه على قاعدة اتباع ابشع اشكال التصفية العرقية وكل ذلك قد اجمله جلالة الملك في خطابه في القمة العربية والإسلامية التي استضافتها المملكة العربية السعودية في الرياض منبها الى ضرورة الوقف الفوري للحرب على غزة ولبنان وانهاء الدمار والقتل.
هذه السياسات ستؤدي الى تفاقم الكارثة في غزة وسوف تؤدي الى حرب شاملة سيدفع الجميع ثمنها
لذلك فقد وصف جلالة الملك ما يجري في غزة بالكارثة الإنسانية واعتبر الصمت العالمي اتجاه مشروع الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني صمتا مريبا مقارنة بوحشية الاحداث وعدم اهتمام العالم بهذه الخروقات الجسيمة متوقفا بكل وضوح وصراحة بانه لا بد من تحرك فوري لإنهاء العدوان واصفا جلالته ما يجري في غزة بالمأساة ويجب انقاذ أهلنا في غزة وتوفير ما يحتاجون من مساعدات ولأول مره جلالته يخاطب المجتمع الدولي بعباره » لا نريد كلاما نريد مواقف جادة وجهودا ملموسة لأنهاء المأساة».
واكد جلالة الملك على ان القانون الدولي موجود ليحمي كل الشعوب وحقها في الحياه أي ان حياة الفلسطيني في معايير هذه الدول اقل أهمية من حياة الإسرائيليين وان السياسة الانتقائية لمحددات حقوق الانسان ارتكزت على التوقف عند حدود الاختلاف العرقي والديني وهي معايير أصبحت واضحة للقاصي والداني محذرا جلالته بان استمرار المجتمع الدولي بالتقصير والتقاعس ستكون نتائجه كارثية علينا جميعا.
لذلك فقد طالب جلالتة القادة المجتمعين من تكثيف الجهود بشكل فوري للتركيز على ما يلي:
1-كسر الحصار على أهلنا في غزة لانهاء الكارثة الإنسانية.
لايصال المساعدات الإنسانية والوقود والغذاء والدواء الى القطاع بشكل مستدام ويحكم ذلك معايير الإغاثة الدولية وليس شروط الاحتلال.
2-وقف التصعيد في الضفة الغربية والاعتداءات على الأماكن المقدسة التي تضعف فرص السلام وتهدد امن المنطقة كلها.
3- دعم سيادة لبنان وامنه ووقف الحرب عليه وتوفير كل ما يحتاجه الشعب اللبناني من مساعدات.
4- إيجاد افق سياسي حقيقي لحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين فهو السبيل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار والامن في المنطقة.
وان هذه الأولويات اذا لم تطبق ولم تتم محاسبة إسرائيل على الظلم والاحتلال اعتبره فشلا كليا للأمم المتحدة والقيم الدولية وعلى الكيان الصهيوني ان يدرك انه لا يوجد حل عسكري يجنب الكيان الصهيوني الانخراط الدائم والمستدام في دائرة العنف ولا يمكن ان تكون إسرائيل امنه في اطار ازدواجية المعايير.
وفي الواقع يعكس هذا الخطاب في وحدته ومنهجيته وإصرار جلالته على بعث رسالة الى القوى الدولية ليضع النقاط على الحروف وان تداعيات ما يجري سيتحمل مسؤوليتها المجتمع الدولي والفشل في معايير قياس تعتمد المساواة المطلقة والتعامل مع أي فرد في هذه الدنيا على انه انسان له الحق في الحياة وثانيا له الحق في المسكن والمشرب والمأكل ولا يحق لاي احد في هذا الكون ان يتحكم في مقدار الواجب الإنساني الذي يقدم للفرد كانسان قائم بحد ذاته.
وان جلالة الملك رغم قوة خطابه كان البعد الإنساني حاضرا منعكسا على ملامح محياه من غضب وعاطفة جياشة وحزن على ما الت اليه الأمور اتجاه أبنائنا في قطاع غزة. ــ الراي