الأخبار

عاطف أبوحجر يكتب : رسالة مشتركة لوزير الاتصال المؤسسي والثقافة

عاطف أبوحجر يكتب : هم الإذاعة وهم التلفزيون
أخبارنا :  

بقلم:-عاطف أبوحجر
-في زمنٍ كان فيه الإعلام الأردني يخطو خطواته الأولى، كانت وجوههم أول ما لمحته أعين الأردنيين على الشاشة. كانوا صوت البدايات، وصورة الصباح الأول، وملامح الدولة وهي تتزيّن بثوبها الإعلامي لتقول بثقة: "ها نحن هنا".
رافع شاهين، محمد أمين، منير جدعون، جبر حجّات، غالب الحديدي، سامي حدّاد، عفاف قضماني، كوثر النشاشيبي، هدى السادات، عائشة التيجاني، سهى طوقان...
هؤلاء ليسوا مجرّد أسماءٍ أو وجوهٍ عبرت الشاشة، بل هم جذورٌ ضاربة في تربة الوعي الأردني. حملوا الكاميرا والميكروفون كما يحمل الجندي بندقيته، وكانوا إلى جانب الوطن في فرحه وحزنه، في نشيده ودمعه، في صباحاته وأزماته.
وكيف ننسى صلاح أبو زيد، الذي كان أولَ من صدح صوته قائلاً في صباح الأول من آذار عام 1959: "هنا عمّان... إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية". تلك العبارة التي لم تكن مجرد افتتاحية، بل كانت ولادة صوتٍ وطنيٍّ حمل الهوية والرسالة.
وكيف ننسى جواد مرقة، أول وجهٍ إعلاميٍّ أردني يظهر على الشاشة، معلنًا انطلاق البثّ التجريبي للتلفزيون الأردني في السابع عشر من شباط عام 1968، فكان وجهه أول الملامح التي التقت بها عيون الأردنيين في زمن الأبيض والأسود، ومعه بدأت الحكاية المرئية لوطنٍ ينهض بإعلامه.
في زمنٍ لم يكن الإعلام فيه ضجيجًا رقميًّا ولا محتوى عابرًا، بل صوتًا نقيًّا يخرج من القلب ليصل إلى القلب، كانوا هم ذلك الصوت، وتلك البوصلة، وذلك الظلّ الطويل.
لقد رحلوا... لكنّ الصدق الذي حملوه لا يزال مقيمًا في وجدان الأردنيين، ولا تزال مؤسسة الإذاعة والتلفزيون – رغم تغيّر الأزمنة – تحتفظ ببصماتهم في جدرانها وزواياها وأرشيفها.
ندعو معالي وزير الإعلام والثقافة إلى تنظيم حفل تأبيني وطني ورسمي، يُقام تحت رعاية سامية أو وزارية، يُكرَّم فيه هؤلاء الروّاد جميعًا، ويُسلّط فيه الضوء على إرثهم، وتُمنح فيه دروع الوفاء لعائلاتهم، ويُعرض خلاله أرشيف نادر من أعمالهم، ويُوثَّق كل ذلك في كتابٍ خاص يُهدى إلى الأجيال القادمة.
لأن الجيل الجديد، الغارق في طوفان المحتوى، بحاجة لأن يعرف من هم الذين صنعوا "المحتوى الأول" في هذا الوطن، من قدّم الخبر بصدق، ونقل الحدث بكرامة، وسرد الحكاية بإيمان.
ليس حنينًا عابرًا، بل تربية على المعنى الحقيقي للإعلام الوطني، وترسيخ لقيم الانتماء والعمل الصادق، وتأكيد أنّ الإعلام لم يكن يومًا صخبًا، بل رسالة ومسؤولية وشرف.
وفي هذا المقام، نرفع الاعتذار لكل من غابت أسماؤهم عن هذه السطور، لكنهم لم يغيبوا عن وجدان الفكرة.
فالحديث هنا لا يُعنى بالإحصاء، بل بالوفاء. ولا يقتصر على اسمٍ أو وجه، بل يمتدّ ليشمل كل من زرع حرفًا في تربة مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، وكل من حمل شرف المهنة يوم كانت الكلمة موقفًا، والرسالة أمانة.
نعتذر كما تعتذر الوردة إن لم يصل عبيرها إلى كل من مرّ بها، لكن العطر باقٍ في الهواء.
فالفكرة أكبر من الأسماء، والذكرى أعمق من الذاكرة، ومن أعطى لهذا الوطن صوته وصدقه... له علينا حقّ لا يُنسى.

مواضيع قد تهمك