الأخبار

د. حازم قشوع يكتب : جرش وأعياد الاستقلال

د. حازم قشوع يكتب : جرش وأعياد الاستقلال
أخبارنا :  

جرش هي من أوائل المدن السامية التي تم إنشاؤها بعد قيامة نوح أو ما عرف بطوفانه، وهى المدينة التى قدمت للبشرية علوم كثيرة متعددة الجوانب ومتنوعة الأصول، ومن فروع علومها جاءت علوم الهندسه الأولى التى قامت على المتصل الواصل فى معمارية التشييد الحجري والتى راحت لتدمج القطع الحجرية بعضها ببعض وتشكل من قطعها أعمدة شاهقة مازالت معالمها شاهدة على هذه العلوم العمرانية ليومنا هذا، عندما وصلت نظرية استخدام معادلة التفريغ الهوائي التي تقوم على معادلتها على وصل القطع الحجرية لتشكيل منارات هندسية لتكون خير شاهد على العلوم المعرفية التي حملتها جرش للبشرية منذ عهد الإسكندر الأكبر الذي قدم للبشرية علوم هندسية امتاز بها عصر قيادته، كما شكلت فلسفة البحث والتمحيص معلومه بحثيه على امتداد مملكة عمون الواصلة من فيلادلفيا، حيث كانت تدق المصوغات والعملة الى اراضى الفحيص وماحص وسلط الحد والعنوان بدلالة منطوقها، وكما أخذت المدرسة التحليلية تشكل حالة علمية حملها الاغريق معهم بعدما رحلوا إلى الضفة الشمالية من البحر المتوسط وعاد الرومان لتشييدها من جديد لتنتهي هذه الحقبة بانتهاء عصورها حتى أحياها الهاشميين، كما فعلوا ذلك فى البتراء لتعود الحياة لهذه العواصم وتحيى من جديد، لكن أسرار علومها مازالت مخزونه فى طي معالمها نتيجة فتره الانقطاع التاريخية الطويلة التى المت بها.

وعلى الرغم من انطلاقة جرش التاريخية التي جاءت مع "سام بن نوح" الا ان جرش المعلم والمدينة لم تحظى بالحظوه التي تستحقها كما بقية المدن التاريخية فى العالم، على الرغم من امتلاكها لاصاله المخزون المعرفي التليد الذي يعتبر الأعمق والأوسع، إلا أن مكانتها لم تعد على الخارطة الإنسانية إلا فى عهد الهاشميين، وهذا ما يسجل لهم في كتب التاريخ عند الحديث حول إحياء الحضارة الإنسانية، وهو الأمر الذى يجب التوقف عنده باعتباره انجاز انساني يسجل لهم في عملية احياء المدن الغنية بالدلالة العميقة فى الاصاله كتلك التي تحملها جرش، وهى المدينة التى تعتبر أغنى من تلك التى تحملها روما او اليونان او غيرها من الدول التي تعتبر حديثة بالمقارنة مع جرش والبتراء ومكاور والكرك وعجلون التي مازالت تحمل عناوين شاهدة على التاريخ التى تبينها جرش فى الطابع العمراني و المضمون المعرفي والتي أنشئت قبل أكثر من 7000 سنه تقريبا، وهذا مرده لا انقطاع سيرتها التاريخية بعدما تم تشريد سكانها في الأزمان الغابرة، وهو ما جعلها تشكل منارة تاريخية برسم شاهد على حقبة زمنية.

ويسجل للدولة الهاشمية أنها أعادت إبراز معالم جرش للإنسانية من جديد عبر إعادة إحياء موروثها وتراثها عبر برنامج تنموي وثقافي كبير، أخذ يعنونه مهرجان جرش للثقافة والفنون الذي يعتبر العنوان الأبرز في الثقافة العربية، كما أخذت الدولة الهاشمية تعيد ترسيم محتوى جرش الحضارى عبر عملية تنموية شاملة تشكل سمة فارقة لجرش المدنية كما لأهلها، حتى يعاد لجرش الحضارة ألقها ومجدها ويعيد إحياء علوم الصوت الواصله والموصله والتي اشتقت منها علوم الترانيم والإيقاعات الموسيقية من على أصول نماذج الإيقاعات الحجرية وبيان "علوم المدرجات" و "السلم الموسيقي" فى تغذية النفس البشرية بما يغذي الروح على ايقاع الموسيقى ويبين حاله من التواصل المعرفي على تراتيل وأنغام موسيقى جرش، ووصل بيان العبارات والكلمات باستخدام نظرية الفوهة الواصلة فى الجدارية الحجرية فى بيان السلم الموسيقي الذي يقوم على نظرية الدرج وعلوم الادراج من سلم (دو . ري . مي . فا . صول . لا . سي)، وهى النوتة الدرجية التى تم تصميم كل الآلات الموسيقية من على نماذجها وفق علم الدرج او السلم الذى يرمز له المدرج الجرشي، وهو المدرج الذي اصطلح على تسميته بالمدرج الروماني مع ان علومه كانت جرشيه لكن السيادة فى عهد الإنشاء كانت رومانية كما قيل فى التاريخ الحديث.

وهي العلوم التي يسجل لأهل جرش اضافتها للبشرية، وهذا ما جعل من عنوان المدينه يأخذ سمة "جرش" "الجاروشة" يمتاز اهلها فى اعاده وصقل الأحجار من جبال جلعاد حيث تقع جرش، وهى الأحجار التي تحتوي على مركبات ليست موجوده او متوفره الا فى جبالها، وهذا ما جعل من جلعاد تعنى مكانه الشهادة الإلهية كما تدل استدلالها بعد ذلك باعتبارها عنوان الثلاث الموقعين على الإنجيل فى الارامية، وهذا ما جعل من جرش كما جبالها ترسم صورة شهادة التاريخ.

وإن كانت الدولة الهاشمية الحديثة التى نحتفل بأعياد استقلالها من المركز الذي تشكل الاردن الدولة عنوانه اتخذت نهج ببيان جغرافية مملكة عمون على امتداد مدنها فى الديكابولس الا ان بحور علومها مازالت غائره لم يتم اكتشافها بعد ذلك، لأن اكتشاف أثر الإنسان لا يعنى بيان علومه وهي جملة الوصل العريضة التي راحت الدولة الاردنية ترسي معانيها عبر مسيرة الوطن عبر اعادة بعث مكونها المعرفي ومحتواها العلمي وحواضنها الثقافية، وهذا ما يتطلب من الدولة مضاعفة جهودها عبر برنامج منطوق جغرافية المكان وشواهد الزمان الذي تشكل جرش أحد أهم شواهده التاريخية، وهو جهد من المفترض ان يكون عالمي ولا يؤطر بحيز محلى او محتوى وطني فحسب، سيما وان مكنون ما تحويه جرش من أصول معرفية ستسهم في حال بيان أصولها فى اضافه نوعيه لمخزون الإنسانية.

ان الدولة الاردنية وهي تحوي المعالم الانسانية بعناوين محطة جرش انما يحييها من وحى ايمانها بالقيم الإنسانية التي انتقل فيها بني آدم من العصور البشرية إلى المنازل الإنسانية حيث العلوم المعرفية بتواتر حضارتها الإنسانية، وهو ما يشكله النموذج الأردني في إحياء التراث الإنساني سيما وان علومه يمتلكها الجميع لكن أصوله المعرفية من المفترض أن تعرف وتنسب لأهل هذه المدن وليس للمستعمرين الذى جاءوا لسلب موروث المنطقة من علوم وموارد وراحوا ينسبونها إليهم مع أن الأصول واضحه، والرسل جاءت من هذه المنطقة وانطلقت عبرها لكن التاريخ يكتبه دائما المنتصر صاحب الغلبة والسطوة وهو البيان الذى يحاول اعادة صياغته من جديد الهاشميين وهم يعيدوا إحياء الموروث الثقافي للإنسانية من منطلق الأمة التى قادت التاريخ ولم تنقاد عليه، وهو التحدى الذى تعمل على قيادته قيادتنا وهي تشق طريق الانجاز وفي كل المجالات سيما منها فى إعادة بناء قوام محتوانا الثقافي.

وهو ما تعنونه جرش التي نحتفل في اعياد الاستقلال في أكنافها لتبقى مسيرتها وأصله في عنونه الموروث الثقافي للإنسانية جمعاء عبر صناعة أعياد البشرية والتحريض على الفرح والغبطة والسرور من خلال اقامة المهرجانات الثقافية وإعادة إحياء نماذج مظاهر التزيين في "إضاءة المصابيح الزيتية" وهي العلوم التي جعلت من جرش تصنع احجار "جرش البذور وطحنها للبشرية"، فكانت أن شكلت عنوان دافىء للتبضع والتسوق والامان من قبل وستبقى جرش تشكل عنوان لذلك في الأردن الحديث كما حمله عنوان جرش في السابق عندما شكلت واحة أمان للشام ( سام )، وهو ما يعتبره أهل جرش المحافظة مدار عز وفخار معنون بإنجاز إعادة إحياء التراث الإنساني عبر جاروشة جرش ومدرج جرش ومهرجان جرش الذي سيبقى ينشد انشودة الإنجاز الهاشمي للإنسانية جمعاء وهم يحتفلون في عيد بيان الوطن فى يوم استقلاله.

مواضيع قد تهمك