فارس الحباشة : عيد العمال والإسلاميون

عيد العمال، بالأول من أيار تم إقراره في حكومة الشهيد وصفي التل نهاية ستينيات القرن الماضي.
إقرار عيد العمال اعتراف بالطبقة العاملة الأردنية. وفي الأدبيات السياسية الأردنية، ثمة إشكال في الاعتراف بوجود طبقة عاملة أردنية.
ولربما، أنه لا يوجد في الأردن طبقة عاملة بالمعنى الأوروبي، والدولة القومية، وما بعد الثورتين: الصناعية في إنجلترا والثورة الفرنسية.
ولكن، المجتمع الأردني في العقود الأخيرة تحول طبقيا، إلى مجتمع مقسوم عموديا بين أقلية تملك: المال، وأغلبية شعبية من الفقراء والمهمشين والمنسيين.
وبالمعنى التاريخي، لقد تشكلت طبقة عاملة أردنية، وبالمعجم الماركسي نسميها «بروليتاريا» أردنية.
ولم ينضج الصراع الاجتماعي والطبقي الأردني. ولكن، إرهاصات التشكل الطبقي بدأت تزداد ملامحها اجتماعيا مع الفوارق الطبقية، وولادة طبقة من الأثرياء الجدد، وطبقة تزاوج بين السلطة والبزنس.
وشكلت السياسة «الاقتصادية النيوليبرالية»، وتوابعها، عواقب اجتماعية وخيمة على إطار اجتماعي واسع من الأردنيين، سواء من موظفي الحكومة والقطاع العام، أو المتقاعدين، والمزارعين، والنقابيين، والمعلمين، والصناعيين الصغار والمتوسطين.
عيد العمال لم يبق منه إلا رمزيته، ويوم إجازة، وفيه يرتاح جزء من العمال من عبء البطالة المقنعة، وجزء من عمال الأردن يُحرمون من عطلة عيدهم.
الطبقة العاملة تواجه ظروفا اقتصادية واجتماعية صعبة وقاسية. وأشد ما يواجه العمال أزمتهم النقابية، والانقسامات العمودية والأفقية التي تعصف بالنقابات العمالية، والانسلاخات النقابية، وتراكم سنوات من الضياع والعبء النقابي. ما أفقد النقابات دورها الحيوي وتأثيرها في المجتمع والعمل العام، والعلاقات العمالية.
وتتجدد في كل عيد عمال أردني، مضامين القضية العمالية الأردنية.
أولا: حماية الوحدة الوطنية، ووحدة الشعب الأردني على أساس قانوني وحقوقي، لجميع الأردنيين دون تمييز.
ثانيا: احترام سيادة الدستور والقوانين الضامنة للتعددية السياسية والفكرية والثقافية، واحترام الحريات.
ثالثا: مجابهة المشاريع الخارجية المحدقة بالأردن والإقليم، وبناء جبهة وطنية للدفاع عن الأردن، وحمايته من خطر المشروع الإسرائيلي.
رابعا: داخليا، الوقوف ضد القوى الظلامية والتكفيرية، والإقصائية، والقوى السياسية المربوطة بولاءات تنظيمية أجنبية، وعابرة للدول، وتسعى إلى زعزعة وبلبلة الجبهة الداخلية الأردنية.
الاحتفال بعيد العمال هذا العام لربما ضرورة وطنية أردنية ملحة. ولكي يرفع العمال علم الأردن، ويسيروا في مسيرات ووقفات عمالية ترفع العلم الأردني، وتنبذ التيارات فوق الوطنية، وتيارات الإسلام السياسي، ومشتقاتهم الداعين إلى زعزعة الأمن الوطني، وتبني مشاريع أفكار عابرة، وفوق وطنية، ومربوطة بولاءات دينية تنظيمية أجنبية.
وكل عيد، والأردن وعماله بخير.
والعمال الأردنيون خير من يرد على فتنة الإسلاميين، ومن يدافع من أجل أردن ديمقراطي وتقدمي، وأردن قوي وصامد من أجل فلسطين والقضايا العربية. ــ الدستور