د . سامر عبد الهادي : الدفاع المدني

في سهرة رمضانية جامعة ضمت عدداً من الأطباء، تخللها الحوار حول مواضيع شتى، بادر أحد مالكي مؤسسة طبية، ليتحدث عن دور «الدفاع المدني» ومهنيته، حيث قال «دقق ضباط الدفاع المدني في تفاصيل المنشأة الطبية، ووضعوا ملاحظاتهم المهنية على ما هو مطلوب من إجراءات لازمة احتياطية، حماية للمؤسسة ومرضاها والعاملين تحاشياً لأخطار محتملة، يمكن أن يتعرض لها المستشفى، من حريق أو حوادث مختلفة، ولما اختلف القائمون على المؤسسة مع ضباط الدفاع المدني حول الأولويات الاكثر أهمية، إنتقل الحوار إلى مدير الدفاع المدني، الذي كان قراره: «لقد وجد القانون لخدمة المواطن، وحماية مؤسساته، وليس لاعاقة عمله لدى أي مؤسسة َوطنية»، وهكذا حسم المدير القرار باتخاذ الاجراءات المناسبة والأولويات الضرورية.
الدفاع المدني، وتسميته الدولية المتداولة هي «الحماية المدنية»، وهي نتاج عمل واهتمام تطور الإنسان، ومواجهة الكوارث، التي يمكن أن يتعرض لها.
وقد برز بشكل خاص، أهمية الحماية المدنية على أثر حرائق مدمرة تعرضت لها مدن كبرى وأشهرها حريق لندن عام 1666، وموسكو عام 1812، وسان فرانسيكو 1906، وخلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، وما تخللها من مآسي وحرائق ودمار للمنشآت المدنية، فرضت حصيلتها وضع مقاييس للدفاع المدني، ومعايير لحماية المدنيين، من آثار الحروب ونتائجها، دفعت نحو الاستدراك للعمل على حماية المدنيين ومنشآتهم وتجنب استهدافهم، وتمت صياغة قوانين بهذا الاتجاه.
في عام 1931، قام الطبيب الفرنسي جورج سان بول بإنشاء جمعية، انبثقت عنها «المنظمة الدولية للحماية المدنية»، تهتم في إيجاد مناطق محايدة، ومناطق آمنة، تُوفر الأمن والحماية للمدنيين أثناء الحروب، وفي عام 1935، أصدر مجلس النواب الفرنسي قراراً دعا فيه عصبة الأمم الى ضرورة إنشاء مواقع محلية في كل دولة، لتكون بمأمن عن الاعمال العسكرية زمن الحروب، ومن تطور هذا التوجه الذي تحول لیكون جزءا من السياسات العامة للدول، وللمنظمات الإنسانية.
في سنة 1966، تم اعتماد دستور للمنظمة، وأصبحت «المنظمة الدولية للحماية المدنية» تُعنى بإشاعة قيم حماية الارواح والممتلكات والبيئة، وتوعية الأفراد بمهام الأجهزة المدنية، سواء خلال الحروب، أو قبلها، أو بعدها، وغدت سمة تؤثر على تطور المجتمع والدولة نحو الحماية المدنية كجزء أساسي وجوهري لحقوق الإنسان.
الأردن، لم یكن بعيدا عن هذه الاستجابة الحضارية، وقيام مؤسسة متخصصة هي «مديرية الدفاع المدني»، تم توفير كافة الوسائل والأدوات والقدرات وأصحاب الاختصاص لها، كي تكون قادرة على توفير الأمن والحماية المدنية، ومراقبة المؤسسات المختلفة كي تتوافر لها أدوات الحماية والاحتياطات الضرورية لمواجهة الحوادث الطارئة كالحرائق وغيرها.
في عام 1999 صدر قانون الدفاع المدني الذي تضمن تشكيل المجلس الأعلى للدفاع المدني والذي يجمع في عضويته وزير الداخلية رئيسا، ومدير مديرية الدفاع المدني نائبا للرئيس، والامناء العامين للوزارات، وأحد مساعدي كل من هيئة الأركان المشتركة، والأمن العام، والمخابرات العامة، وقوات الدرك، ومندوبين عن امانة عمان، والهلال الاحمر، وغرفة التجارة، وغرفة الصناعة، والهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، ويتولى المجلس المهام والملاحظات التالية:
أ–وضع السياسة العامة للدفاع المدني لمواجهة حالات الطوارئ وما قد ينجم عنها.
ب–إقرار الخطط العامة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة الحالات الطارئة والكوارث وتحديد واجبات كل جهة من الجهات الرسمية أو الأهلية ومسؤولياتها ومتابعة تنفيذها.
ج–إقرار الخطط اللازمة لمواجهة التلوث الكيماوي والاشعاعي والجرثومي والغازات السامة لتأمين الوقاية والحماية منها وذلك بالتنسيق والتعاون مع الجهات المختصة المعنية.
د–إصدار التعليمات اللازمة لتنظيم عمل المجلس وإدارة غرفة عملياته وغرف عمليات الجهات الممثلة فيه وغرف عمليات لجان الدفاع المدني في المحافظات والألوية.
هـ–إنشاء الملاجئ العامة في المملكة وتجهيزها.
و–تحديد واجبات ومهام لجان الدفاع المدني المشكلة بموجب أحكام هذا القانون في المحافظات.
ز- تحديد واجبات القوات المسلحة والأمن العام والمخابرات العامة وقوات الدرك في حالات الطوارئ وحالات الكوارث لدعم أعمال الدفاع المدني.
ح–تشكيل فرق تطوعية من المدنيين تتراوح أعمارهم ما بين (18) و(50) سنة لدعم أعمال الدفاع المدني.
ط–بيان كيفية الإنذار لتحذير المواطنين من الطوارىء والكوارث وتحديد الوسائل اللازمة لذلك.
نتباهى بما لدينا من مؤسسات، وحينما يُقال نقلاً عن الراحل الحسين «إن الإنسان أغلى ما نملك»، فهذه المؤسسة مع أقرانها وغيرها من مؤسسات، هي التي توفر للمواطن الأردني الشعور بالأمن والاستقرار والطمأنينة. ــ الراي