أ. د. عبد الزراق الدليمي : السياسة الخارجية الأردنية.. نموذج متميز للقوة الناعمة

منذ الخمسينيات من القرن العشرين، أكدت المملكة الأردنية الهاشمية على اتباعها منهج الاعتدال السياسي كجزء من استراتيجية بناء السمعة للاردن، حيث ادت الاسرة الهاشمية الكريمة دورًا أكبر، وإن كان معقدًا، في بناء وتنظيم خطاب السياسة الخارجية وممارساتها منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. استنادا الى فهم وتجسيد متميز للقوة الناعمة كركائز للعلاقات الخارجية الأردنية الناجحة على مدى السنوات العشرين الماضية ونجحت في بناء العلاقات مع الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي وغيرها من الدول وباست?دام القوة الناعمة المبنية على الرؤى النظرية وكيف يمكن للقوة الناعمة أن تستفيد من زيادة الاهتمام بالجماهير المختلفة من مواطني الاردن وأيضاً تلك الدول التي تشارك الاردن ايجابيا ورغم ان القوة الناعمة الاردنية محددة ومعينة ولكنها تراقب عن كثب إيقاعات الآخرين.
تتميز السياسة الخارجية الأردنية بالمرونة، والتوازن، والقدرة على التأثير في قضايا الأمن والسلام الإقليمي والدولي. عبر تبني مواقف تتسم بالحكمة والحياد الإيجابي، استطاع الأردن أن يكون لاعبًا مهمًا في تعزيز الاستقرار الإقليمي، وتحقيق مصالحه الوطنية، بالإضافة إلى تقديم الدعم للمجتمعات المتضررة من النزاعات والأزمات الإنسانية.
تتمتع السياسة الخارجية الأردنية بسمعة قوية على الساحة الدولية، وذلك بفضل التوازن الذي يميزها، والقدرة على تحقيق مصالح المملكة مع الحفاظ على الاستقرار الإقليمي والدولي. فيما يلي بعض الجوانب التي يمكن الإشادة بها في السياسة الخارجية الأردنية:
1. التوازن والحياد الإيجابي:
• الاستقلالية: الأردن يتمسك بسياسة خارجية مستقلة توازن بين علاقاته مع القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا، كما يحافظ على علاقات طيبة مع دول الخليج العربي ودول أخرى في المنطقة.
• الحياد البناء: المملكة تبذل جهدًا مستمرًا للحفاظ على الحياد في النزاعات الإقليمية، وتعمل على دعم الحلول السلمية وتجنب التصعيد.
2. الدور القيادي في حل النزاعات الإقليمية:
• دعم عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية: الأردن كان وما زال من الدول الرائدة في دعم حقوق الشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقه في إقامة دولة مستقلة. كما يلعب دورًا هامًا في مسار السلام في الشرق الأوسط من خلال دعمه لحل الدولتين.
• الوساطة في الأزمات الإقليمية: لعب الأردن دور الوسيط في العديد من الأزمات في المنطقة، سواء في العراق أو سوريا أو لبنان. على سبيل المثال، تبنت المملكة سياسة دعم الحوار بين الأطراف المتنازعة في سوريا وشددت على أهمية إيجاد حلول سلمية للنزاع.
3. الاستقرار في ظل التحديات الإقليمية:
• في خضم التوترات الإقليمية والصراعات في الشرق الأوسط، حافظ الأردن على استقراره السياسي والأمني، مما جعله محط اهتمام دولي كمثال للثبات والهدوء في منطقة مضطربة.
• استقبال اللاجئين: رغم الموارد المحدودة، استطاع الأردن أن يستقبل ملايين اللاجئين على أراضيه، خاصة من العراق وسوريا، حيث تعامل مع هذا التحدي الإنساني بكفاءة، مما يعكس السياسة الإنسانية التي تتبناها المملكة.
4. العلاقات الدبلوماسية المتوازنة:
• علاقات قوية مع دول الخليج: الأردن حافظ على علاقات متميزة مع دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة المملكة العربية السعودية والإمارات، حيث تعاونوا في العديد من المشاريع الاقتصادية والأمنية.
• التحالفات الاستراتيجية مع الغرب: يشكل التعاون مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي جزءًا رئيسيًا من السياسة الخارجية الأردنية. كما أن الملك عبدالله الثاني يحظى بعلاقات دبلوماسية قوية مع قادة الغرب، ويشيد العديد منهم بدور الأردن في تعزيز الاستقرار الإقليمي.
5. دور هام في الأمن الإقليمي والدولي:
• التعاون الأمني: الأردن يُعتبر شريكًا مهمًا في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، ويشارك بفعالية في التحالفات الأمنية مثل التحالف الدولي ضد «داعش».
• المشاركة في محاربة الإرهاب والتطرف: على الرغم من التحديات الأمنية، نجح الأردن في الحفاظ على استقرار أمنه الداخلي والمشاركة الفاعلة في محاربة الجماعات الإرهابية.
6. الاهتمام بالقضايا الإنسانية والتنموية:
• تلتزم السياسة الخارجية الأردنية بدعم قضايا حقوق الإنسان والتنمية المستدامة، حيث تسعى المملكة لتقديم الدعم الإنساني في العديد من الأزمات حول العالم.
• كما أن المساعدات الإنسانية التي يقدمها الأردن إلى الدول المتضررة من الكوارث الطبيعية أو الأزمات السياسية تعتبر من الجوانب المميزة في سياستها الخارجية.
7. الاستفادة من موقعه الجغرافي:
• يقع الأردن في قلب الشرق الأوسط، وهو ما يمنحه أهمية جيوسياسية كبيرة. استطاع الأردن استثمار موقعه الاستراتيجي كحلقة وصل بين قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا لتعزيز علاقاته الاقتصادية والتجارية مع مختلف دول العالم.