الأخبار

احمد ذيبان : فلول النظام!

احمد ذيبان : فلول النظام!
أخبارنا :  

هذا مصطلح أصبح دارجاً في العالم العربي، ذلك أنه يطلق على «أيتام» الأنظمة التي تسقط بفعل ثورات شعبية، وأحدث نموذج على ذلك السقوط الدراماتيكي للنظام السوري نهاية العام الماضي، اذ انهار بسرعة قياسية خلال 11 يوما، لكن الثورة التي أطاحت به قدمت تضحيات هائلة وارتكب خلالها النظام جرائم مروعة، بمساعدة الدول التي دعمته وقاتلت الشعب السوري، وهي ايران وروسيا بالاضافة الى عشرات الميليشيات الطائفية، التي تم استقدامها من بعض دول الجوار وأخرى جاءت من مناطق بعيدة، حيث ذهب ضحية الحرب التي تعرض لها الشعب السوري، بين نصف ملي?ن ومليون قتيل وأضعاف هؤلاء من الجرحى والمنكوبين والمهجرين في دول الجوار، أو حاولوا الهجرة الى دول بعيدة عبر البحار، ويقدر عددهم بحوالي 12 مليون شخص.

هذه حقائق معروفة للجميع لكنني رغبت التذكير بها، بمناسبة محاولات التمرد المفاجئ التي شهدتها بعض مناطق الساحل السوري، مثل اللاذقية وطرطوس وبانياس والقرداحة، وهي عمليات من الواضح ان من قام بها، هم» فلول النظام» الذي هرب رئيسه تحت جنح الظلام، لكن المؤكد أنهم تلقوا دعما عسكريا وتسليحيا ولوجستيا، من بعض الدول والميليشيات التي ساندت النظام وحاربت معه لحمايته من السقوط، هذه التجهيزات التي عثرت عليها قوات الجيش والأمن السوري الرسمية، لم تكن متوافرة لدى جيش النظام المنهار.

لا شك أن أكبر الخاسرين بعد سقوط نظام عائلة الأسد، هي ايران التي استثمرت مليارات الدولارات في دعم هذا النظام، بل أنه كان العمود الفقري لمشروعها في المشرق العربي، المسمى «محور المقاومة والممانعة»، الذي يقوم أساسا على الاستثمار بالقضية الفلسطينية، لأغراض تحسين أوراقها التفاوضية مع الولايات المتحدة وخاصة بشأن الملف النووي!

هؤلاء الفلول يدركون أنهم لا يستطيعون إعادة عقارب الساعة الى الوراء، حتى رئيسهم بشار بعد هروبه لا يفكر بالعودة الى سوريا، لكنهم توصلوا الى قناعة مفادها أن أقصى ما يستطيعون القيام به، هو اثارة الفوضى والعبث باستقرار الدولة والمجتمع، واللعب على الوتر الطائفي، خاصة وأن المناطق التي حاولوا اثارة الفتنة وعدم الاستقرار فيها، غالبية سكانها من لون طائفي واحد، وربما يعتبرونها حاضنتهم الاجتماعية ويعرفون جغرافيتها جيدا، سواء من حيث المدن والقرى أو الجبال المحاذية لها، الذين عاد من لم يقتل منهم الى مخابئهم في تلك الجبا?، فكانت محاولتهم البائسة ربما تكون الرصاصة الأخيرة أو كما يقال «هواة مقفي"!، بعد أن ضاقت بهم أرض سوريا فوقعوا بين «خيارين أحلاهما مر»، فهم إما ينتظرون تقديمهم للعدالة على الجرائم التي ارتكبوها بحق الشعب السوري أو يقتلون، خاصة وأن قيادة سوريا الجديدة قدمت لهم تسهيلات وتساهلت معهم، من خلال اعطائهم فرصاً عديدة لتسوية أوضاعهم وتسليم أسلحتهم، فبعضهم راجع مناطق التسوية التي حددت وأخذوا شهادات رسمية تثبت ذلك، لكنهم غدروا فبعض من ألقي القبض عليهم في العملية الأخيرة، عثر معهم على شهادات تؤكد أنه شملهم العفو من عناص? وضباط جيش بشار المنهار.

وبعد وقت قصير من سيطرة قوات الجيش والأمن على المناطق، التي حاول «الفلول» اثارة الفوضى فيها جاء خطاب الرئيس السوري احمد الشرع، تعليقا على تلك الأحداث فبدا الرجل هادئا وحكيما وأبدى حرصه على حياة المدنيين، الذين استخدمهم فلول النظام المنهار دروعا بشرية، وأكد حرصه على عدم الانتقام وأن يأخذ القانون مجراه، في معاقبة هؤلاء «الفلول» الذين ألقت قوات الأمن القبض عليهم.

سوريا تحررت من الطغيان، لكنه أمر طبيعي أن أي عملية تحول تاريخي كالتي شهدتها سوريا، ثمة خاسر وهو النظام السابق وفلوله، وثمة رابح وهو الشعب السوري بكل مكوناته، واستقرار الأوضاع يحتاج الى بعض الوقت ومن الطبيعي أن تحدث بعض التجاوزات ويسقط ضحايا أبرياء، خاصة وأن تحديات أمنية هائلة تواجه القيادة الجديدة، تتعلق ببناء مؤسسات وأجهزة الدولة المدنية والعسكرية من الصفر وحفظ الأمن واعادة الاعمار. ــ الراي

Theban100@gmail.com

مواضيع قد تهمك