الأخبار

رمزي الغزوي : الترامبية والقوة المجردة

رمزي الغزوي : الترامبية والقوة المجردة
أخبارنا :  

منذ لحظة دخول دونالد ترامب عالم السياسة، ظهر كرجل لا يمكن التنبؤ بأفعاله. يُفاجئ العالم كل يوم بقرار صادم أو تصريح غير متوقع. بدا للكثيرين وكأنه يتحرك بعشوائية، بلا خطة ولا حسابات، ولكن هل كان الأمر كذلك حقًا؟ أم أن وراء هذا الاندفاع الظاهري منهجية متماسكة؟
اليوم ترامب ليس مجرد رئيس أميركي عابر. هو صاحب مدرسة سياسية خاصة به، تختلف جذريًا عن التقليد الجمهوري والديمقراطي. في نظره، التحالفات القديمة لا تعني شيئًا، والشراكات التي بُنيت على مدى عقود يمكن هدمها بجرة قلم. لماذا تحتاج أميركا إلى «الناتو» أو اتفاقيات المناخ أو حتى التحالفات مع أوروبا؟ ففي عالم الترامبية، لا شيء يعلو فوق المصلحة المباشرة، ولا مكان للعلاقات التقليدية إذا لم تحقق أرباحًا واضحة. أميركا في نظره يجب أن تعمل بمفردها، بقوتها العسكرية، دون الحاجة إلى الغطاء الدبلوماسي أو الأخلاقي.
الرئيس لم يكتفِ بتغيير قواعد اللعبة الخارجية، بل قلب الداخل الأميركي رأسًا على عقب. فجأة، لم يعد خطاب تفوق العرق الأبيض محرجًا. قراراته ضد المهاجرين لم تكن مجرد إجراءات قانونية، بل رسائل واضحة: أميركا ليست للجميع، وهي في طريقها إلى أن تصبح أميركا التي يريدها. بلغ الأمر ذروته حينما هاجم أنصاره مبنى الكونغرس، في مشهد بدت فيه الديمقراطية الأميركية كما لو أنها تتهاوى أمام أعين الجميع.
السؤال الأهم، هل ستستمر هذه الظاهرة بعد رحيله؟ حتى اللحظة، لا يبدو أن هناك من يستطيع حمل لواء الترامبية بنفس الجرأة، رغم وجود شخصيات مثل نائبه جيه دي فانس وإيلون ماسك يحاولان أن يلعبا الدور ذاته. ومع ذلك، يبقى أمر واحد مؤكدًا: لا يمكن لأي قوة أن تستمر طويلًا بالاعتماد على الهيمنة العسكرية وحدها، دون أن يكون لديها قيم أو مبادئ تدافع عنها. ربما تكون الترامبية غيرت قواعد اللعبة الآن، لكنها قد تكون أيضًا الخطوة الأولى نحو تراجع الدور الأميركي في العالم، حينما لم يعد هناك شيء يمكن تصديره سوى القوة المجردة.

مواضيع قد تهمك