نسيم عنيزات : الخطة المصرية وطرفا المعادلة وعملية عض الأصابع

اعتقد ان الخطة المصرية لقطاع غزة التي وضعت على الطاولة العربية يوم أمس لمواجهة خطة الرئيس الامريكي وحسب ما سرب من تفاصيل لمسودتها ستواجه كثيراً من التحديات.
ففي الوقت الذي يحاول فيه العرب الخروج بخطة معتدلة للرد على ترامب الذي وضع الكرة في ملعبهم منتظرا خطة واضحة من اهم شروطها خروج حماس من المشهد السياسي وإلقاء أسلحتهم ومغادرة قادتها إلى الخارج نسمع تصريحات من قادة حماس ترفض وجود اي قوات دولية على اراضيها الا فلسطينية.
ومع ان صيغة البيان او الخطة حسب تسريب بعض مضامين وبنود مسودتها جاءت مخففة وراعت عدم ذكر إبعاد حماس وتسليم أسلحتهم او اقصائهم بشكل مباشر، في محاولة منها لمسك العصا من المنتصف وتفويت الفرصة على دولة الاحتلال التي تنتظر الفرصة للانقضاض من جديد وتنفيذ خطة ترامب الداعية إلى التهجير والسيطرة عليها.
الا انها حاولت امتصاص اي ردة فعل حمساوية غاضبة قد ترفض الخطة دون الدخول في تفاصيلها او مناقشتها، وكذلك الموقف الإسرائيلي.
ان العرب الان في وضع صعب لا يحسدون عليه ففي الوقت الذي يرفضون فيه تهحير اهل غزة وينظرون إلى اعمار القطاع لوأد الخطة او على الأقل الالتفاف عليها وتأجيلها لكسب الوقت ووقف جماح التهور الامريكي في ظل الرئاسة الجديدة التي لا يستطيع احد التكهن بأفكار وردة فعلها المتسرعة احيانا.
و حاولت لغة الخطة وبنودها الابتعاد عن استفزاز حماس ودفعها نحو التريث والتفكير قبل الرفض لكسب مزيد من الوقت كما حاولت بنفس الوقت ان تقترب من الموقف الأمريكي او الوصول معه إلى نقطة التقاء في منتصف الطريق تدفع نحو مزيد من التوضيح والنقاش التي ايضا تصب بنفس وعاء كسب الوقت.
ومع اننا لا نعرف شكل وآلية رد فعل طرفي المعادلة اي حماس ودولة الاحتلال رسميا على الخطة المصرية، الا اننا على يقين بأن الامور لن تكون سهلة وان الطريق أمامها لن تكون ممهدة وستكون مليئة بالحفر والمطبات من الجانبين.
فكلا الطرفين له حساباته ولديه مبرراته ودوافعه كما يلعب عامل الوقت وآلية عض الأصابع دورا حاسما في تغيير نتيجة المعادلة او احداث استدارات وتنازلات من الطرفين او أحدهما.
فكما دولة الاحتلال تعيش أزمة داخلية وضغطا شعبيا لإنهاء ملف اسراهم وحالة من الاستنزاف العسكري بأشكال وصور متعددة كدخول حالة اليأس بين جنوده مخلفة اثارا سلبية على الحالة النفسية والسلوكية لدى البعض.
إضافة إلى التحديات التي تواجه الحكومة كالحل والحاكمة، او الاستمرار لإرضاء بعض أعضائها المتطرفين على حساب الأسرى واسرهم.
وفي المقابل فإن قطاع غزة تحول إلى بيئة غير قابلة للعيش او الحياة بعد 15شهرا من حرب إسرائيلية همجية وابادة جماعية خلفت عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمفقودين بعد ان دمرت كل مقومات الحياة مانعة المياء والكهرباء والدواء والغذاء عن الناس.
وكما قلنا سابقا، كل طرف له حساباته ويمتلك اوراقا للعب او الضغط بها، وخطة يفترض ان ترى النور قريبا وتخرج إلى المشهد لمواجهة حالة معقدة يصعب التكهن بمصيرها. ــ الدستور