الأخبار

احمد ذيبان : «مشادة تاريخية» في البيت الأبيض!

احمد ذيبان : «مشادة تاريخية» في البيت الأبيض!
أخبارنا :  

منذ دخل الرئيس الأميركي ترامب الى البيت الأبيض، وهو يفتعل المشاكل والأزمات دون كلل أو ملل، وكان لافتا أنه يتعمد استهداف الحلفاء قبل الخصوم في العواصف السياسية التي يثيرها، فهو مثلا يحيي الرئيس الروسي بوتين، ولم يستفز رئيس كوريا الشمالية «كيم جونغ أون»، رغم ما تشكله بلاده من خطر نووي على أميركا والعالم.

لكن ما لم يكن بالحسبان أن يتحول اللقاء المرتقب، بين الرئيس الاميركي ترامب ونظيره الأوكراني زيلينسكي الى «مشادة فظة»، في حادثة نادرة خارج اللياقات الدبلوماسية، لم تحدث منذ 250 سنة حسب الكاتب الاميركي توماس فريدمان بمقال في نيويورك تايمز، بسبب ما اعتبره معلقون ووسائل اعلام عالمية «فخ » نصبه ترامب لضيفه الأوكراني، وانتهى التراشق بين الرئيسين بطريقة كارثية، بعد أن هاجم ترامب ضيفه الأوكراني، بما يشبه التقريع وبطريقة استعلائية في محاولة لفرض الاملاءات عليه، ووصفه بأنه لا يملك أي أوراق ولا يعرف مصلحة بلاده، واتهمه بعدم احترام الولايات المتحدة، وزاد الطين بلة في المعركة الكلامية دخول نائب الرئيس الأميركي"جيه.دي فانس » على الخط وتصعيد التراشق الكلامي!

وبدا المشهد الذي جرى أمام كاميرات التلفزة الأميركية والعالمية، وكأنه مخاصمة «اثنين مقابل واحد"! رغم أن زيلينسكي شرح موقف بلاده من الحرب التي بدأتها روسيا على بلاده، منذ ثلاث سنوات بدون أسباب موضوعية، ويطالب بضمانات أمنية بدعم أميركي وأوروبي، وأن أوكرانيا تحتاج إلى سلام عادل ودائم، لذلك عليها أن تكون قوية على طاولة المفاوضات وليس كطرف مستسلم، لكي لا تشن روسيا حربا مرة أخرى.

لكن ترامب يريد فيما يبدو، أن يفرض اتفاق وقف اطلاق النار بين موسكو وكييف، مع السماح لروسيا بضم الأراضي الأوكرانية التي احتلتها في الحرب الأخيرة، وكانت النتيجة المأساوية لقمة البيت الأبيض أن غادر زيلينسكي البيت الأبيض، وحسب بعض المسؤولين الأميركيين ووسائل اعلام، فأن ترامب طلب منه المغادرة فيما يشبه الطرد!

وكان أهم شيء يريده ترامب من زيلينسكي، التوقيع على اتفاقية «الموارد المعدنية الثمينة»، على خلفية الأسلحة والأموال التي قدمتها ادارة سلفه بايدين، ويقدرها ترامب بحوالي 500 مليار دولار، لكن أوكرانيا تنفي هذا الرقم وتقدرها بأقل من 100 مليار، وقد أعلن أنه مستعد لتوقيع اتفاق المعادن كـ"خطوة أولى لضمانات أمنية»، وبالنتيجة أصبحت الاتفاقية في مهب الريح ولم يوقعها زيلينسكي، وتم الغاء المؤتمر الصحفي المشترك بين الرئيسين.

والواقع أن زيلينسكي سجل موقفا شجاعا، ولم يستسلم لما يريده ترامب باعتباره أدرى بمصالح بلاده، فقد أعلن في مقابلة مع محطة فوكس نيوز الأميركية، أنه لا يريد الاعتذار لترامب، ولم يرتكب أي خطأ يدعوه لذلك!

كنت الاسبوع الماضي قد كتبت مقالا في الرأي، دعوت فيه أوروبا للتخلص من الهيمنة الأميركية وهذه هي فرصتها التاريخية لتحقيق ذلك، وتمتلك المقومات اللازمة اقتصاديا وتجاريا وتكنولوجيا وعسكريا، دون انكار أنها لا ترقى الى المستوى العسكري لأميركا وروسيا، وعليها أن تقتضي برئيس كوريا الشمالية الذي لم يجرؤ ترامب على استفزازه، بل ذهب الى كوريا الجنوبية في ولايته الأولى للاجتماع مع «كيم جونغ أون».

المشادة الكلامية في البيت الأبيض حركت المياه الأوروبية، وتوالت ردود الأفعال المنحازة الى أوكرانيا، وأهم ما قاله العديد من الزعماء الأوروبيين لأوكرانيا: «لستم وحدكم!».. لا سلام بدون ضمانات

حتى الزيارات التي قام بها الرئيس الفرنسي ماكرون، ورئيس وزراء بريطانيا «كير ستارمر» الى واشنطن الاسبوع الماضي، لم تكن موفقة وكانت سلبياتها أكثر من ايجابياتها، ذلك أن الرئيس ترامب يتعامل مع الأوروبيين كتابعين وهم فعلا كذلك، فقد كانوا يدورون في فلك واشنطن منذ نهاية الحرب العالمية الثانية! وأصبح الانطباع السائد في القارة الأوروبية بأن ترامب «لم يعد حليفًا لأوروبا»، كما عبر عن ذلك الرئيس الفرنسي السابق «فراسوا هولاند» لصحيفة لوموند، معتبرا أن الرئيس الأميركي أحدث قطيعة عميقة مع الأوروبيين، وانه يرغب في إجراء حوار مباشر مع الرئيس الروسي بوتين، الذي يعتبر » تهديدًا وجوديًا» للقارة الأوروبية!

Theban100@gmail.com

مواضيع قد تهمك