بشار جرار : المدد الهاشمي والعون الأردني لسوريانا

الهوى فيصلي. ليس بكرة القدم فقط. «الفيصلية» ما زالت رمزا أكبر من الألوان والأطياف كلها، الأزرق وما كان على يمينه ويساره من الألوان السبعة، عندما تكسر أشعة الشمس حبيبات الغيث الهاطل على الأرض العطشى.
لا عيب في الرمزية ولا حتى الرومانسية في السياسة، بما فيها صياغة المواثيق والدساتير الحية التي نعيشها في حياتنا اليومية، في دور العبادة والعلم والرفادة والرفاه. لذلك اختار فيصل الأول أحد ملوك بني هاشم الغر الميامين، اختار تصميما مختلفا لما يعتلي هامته الشريفة وقامته السامقة، قلنسوة تؤكد عراقية أبناء الوطن الواحد من مسلمين ومسيحيين ويهود وأيزيديين وصابئة وسواهم مما زخر به هذا الشرق العظيم، هذا المشرق المكلوم، من ثراء إثنيّ -عرقي وديني وطائفي- ينبغي أن يكون عنصر قوة لا ضعفا يتسلل من خلال ثغراته الأعداء والأعدقاء (تلك الخلطة المنهِكة من الصداقة والعداوة لأي سبب كان).
حتى يومنا هذا اسم تلك القلنسوة الأيقونية، اسمها «الفيصلية» وهو فيصل نفسه الذي قالها في دمشق: أنا عربيّ قبل عيسى وموسى ومحمد. الاعتداد بالقومية العربية يومها ما كانت فيه شرور الفاشية ولا النازية. لا فرق بين عراقي وعراقي أو سوري وسوري إلا بالتقوى، بالانتماء لوطن يصون الجميع، فالدين لله والوطن للجميع، كانت قولا وفعلا..
حتى يومنا هذا في عراقنا الحبيب يقال «لا تْحَزْقِلْها» نسبة إلى وزير المالية العراقي اليهودي ساسون حزقائيل (أحد أنبياء العهد القديم في الكتاب المقدس) الذي شكره الملك الراحل فيصل الأول على تشدده في الحرص على المال العام حتى وإن كان للملك شخصيا. الحزقلة ما كانت بخلا ولا تحكما بل حرصا ومحبة وولاء صادقا ممن تولى أمانة وزارة المالية خمس مرات في العهد الملكي الزاهر، أمانة نعلم يقينا أنها من شيم كرام الناس أجمعين في العالم كله، فكيف إن كان المليك الراعي للبلاد والعباد (العبودية بمعنى التسليم التام لله وحده) قائدا هاشميا فذا من العترة الأصيلة الصادقة، كما يعرفها أهل بيتها، لا كما زعم المدّعون الدعيّون -شرقا وغربا- في تلك الساحات التي عاثت فيها ميلشيات الإرهاب والفوضى والخراب، عاثت في البلاد فسادا وإفسادا وفتنة كان ومازالت «أشدّ من القتل».
المدد الهاشمي والعون الأردني ما بدأ من غزة هاشم ولن ينتهي عندها، وكذلك هو الحال للجارة الأقرب، سوريانا الحبيبة. ليس سرا ولا هو بحكر على الخبراء، معرفة حجم ما بإمكان الأردن تقديمه حبا وكرامة لسورية الجديدة، أو لعلها سوريانا القديمة الأصيلة التي اشتقنا إليها، سورية التي كان ينبغي أن تكون نواة وحدة ما هو أكبر من بلاد الشام وأعظم من الهلال الخصيب، وحدة لولا الدخلاء والأشقياء كانت مشروع ثورة عربية كبرى فيه وحدة العرب وخيرهم وسعدهم في «الدارين»..
يا مرحبا بضيوف سيّدنا، من الأشقاء والضيوف، في العرين الهاشمي الأردني العبدلي، الركن الحصين..