حسين دعسه يكتب : تشييع "دولة" حزب الله.

*بقلم :حسين دعسة :
يُشيع لبنان، والشعب اللبناني و"حزب الله"، ظهر اليوم الأحد، الأمينين العامين الشهيدين السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين، اللذين اغتالهما جيش الإحتلال الإسرائيلي الصهيوني خلال جبهة حرب الإسناد والمقاومة التي ساندت حركة حماس بعد إعلان معركة طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول أكتوبر ٢٠٢٣، جبهة حزب الله الأخيرة مع الكيان الصهيوني، والتي دعمتها الولايات المتحدة الأمريكية ونالت من الجنوب اللبناني، ووسط بيروت البقاع وعلى كل لبنان. .
مراسم التشييع، من المفترض انها بدأت منذ توافد الآلاف، إلى مدينة كميل شمعون الرياضية في جنوب العاصمة بيروت.
الحدث، سياسي أمني، عدا عن انه يحمل قيمة فكرية دينية تتعلق بالطائفة الشيعية في لبنان ودول المنطقة وصولا إلى إيران.
*مشاركة "نحو 79 دولة من مختلف أنحاء العالم.
يوم التشييع حافل بالأحداث، بعد المراسم، يسير المشيّعون نحو موقع الدفن المستحدث للشهيد حسن نصرالله، وهو مكان يقع في قطعة أرض تقع بين الطريقين المؤديين إلى مطار الشهيد رفيق الحريري، وبحسب مصادر إعلامية ودبلماسية، كشف عن أن قيمة الأرض التي اقيم عليها المقام، بلغت ٤٤ مليون دولار، فيما تحفظت مصادر حزب الله عن نفي أو تأكيد المعلومات.
. أيضا ، من المقرّر دفن الشهيد صفي الدين[ غداً الاثنين]، في مسقط رأسه في بلدة[ دير قانون النهر]، في قصاء صور جنوبي لبنان.
*.. حزب الله و متاهة التحولات
.. قبيل اقل من ٢٤ ساعة من التشييع، تناولت الإعلامية اللبنانية، في موقع المدن،"ندى أندراوس"، اشكالية العلاقة الملابس بين أوضاع وقطبي الطائفة في لبنان، وبعنوان:) الشيعة بين حزب الله وزعامة بري: متاهة التحولات)، لفتت اندراوس
إلى أنّ:" يوم الأحد - التشييع-بما يحمل من دلالات في الشكل أو في المضمون، هو يوم مفصلي للطائفة الشيعية في ما خصّ خياراتها الداخلية والإقليمية، وعلى مستوى قيادتها التي تقع عليها مسؤولية اتخاذ القرار بأيّ اتجاه ستأخذ هذه الطائفة التي تعيش حالاً من الإحباط، وتواجه تحديات كتلك التي عاشها المسيحيون في زمن الوصاية السورية بعد الطائف، والسنّة بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري".
.. ولعلها المرة الأولى التي يتم، و بشكل قاطع، القول، بحسب اتدزارس:" يختصر الرئيس بري زعامة الطائفة الشيعية بعد استشهاد السيد حسن نصرالله.
صحيح أنّ هناك قيادة جديدة لحزب الله. لكن باعتراف كثر أكانوا من قلب الطائفة أو من المراقبين من خارجها، فإنّ أوضاع الحزب الداخلية ليست على ما يرام، وإنّ الإرباك الذي يعيشه والتعدد في التوجهات وما يحكى عن "أجنحة غير منسجمة في المقاربات والآراء والقرار"، يخرج إلى العلن عند كل مفترق سياسي أو أمني، من خلال المواقف والأداء المتناقض بين قيادات الحزب".
.. وهي قالت؛ :أنّ قيادة السيد نصر الله لحزب الله لا تشبه سابقاتها، لا في الزمن والظروف، ولا حتى على مستوى الكاريزما والحكمة في مقاربة كلّ الملفات، ولاسيما في التعاطي وإدارة العلاقة من ضمن الثنائي مع أمل والرئيس بري وانطلاقاً مع المكونات الأخرى.
كحركة مقاومة إسلامية نشأ حزب الله من رحم حركة أمل التي أسسها الإمام موسى الصدر. بين الحزب والحركة دماء كثيرة أريقت في حرب الاخوة في الثمانينيات، لكن هذا لم يمنع قيام علاقة وثيقة بين الرئيس بري والسيد نصر الله، نجح الرجلان من خلالها باستيعاب شارعهما.
*زعامة الطائفة.
هناك خيط رفيع بين نبيه بري الزعيم الشيعي من العام 1980 كرئيس لحركة أمل، وبين بري الذي كُرّس زعيماً سياسياً بالسلم كما في الحرب، وهنا تجد الكاتبة اندراوس، أن حزب الله، و:"
عند تأسيسه في العام 1982 كان هدف حزب الله شطب نبيه بري من المعادلة. الأمر الذي لم يتحقق.
في التسعينيات، وعند تسلم السيد حسن نصر الله قيادة الحزب، نشأت علاقة شخصية وخاصة بينه وبين بري، ردمت تدريجياً الهوّة بين الرجلين وحزبيهما. أديرت العلاقة بميزان "الجوهرجي/الذهب" على الرغم من اختلافات عديدة كانت تقع في بعض المحطات، وافتراق طريقهما أكان على المستوى السياسي أو على مستوى القاعدة الشعبية المؤيدة لكلّ منهما".
لكن الميزان الذي كان يزين به كلّ من بري ونصر الله، كان يزيل أيّ إشكال ويردم كلّ الخلافات.
بعد حرب تموز العام 2006 ترسّخت أكثر فأكثر هذه العلاقة الشخصية.
لم يأت من عبث إطلاق السيد نصر الله صفة الديبلوماسي على الرئيس بري، الذي كان في كلّ مرة يدخل الحزب البلد والجنوب تحديداً في مغامرة مدمّرة وحرب مع إسرائيل، يشكّل بري جسر الخلاص والانقاذ للطائفة، محقّقاً بحنكته السياسية التي لا يمكن أن ينازعه أحد عليها، مكاسب أكثر لطائفته ولدورها في السلطة ولنفوذها، ولو كان ذلك على حساب المكوّنات الطائفية الأخرى.
يواجه الشيعة اليوم استحقاقاً كبيراً جداً بعد استشهاد السيد نصر الله. هناك سؤالان إشكاليان كبيران مطروحان لا تجد الطائفة أجوبة عليهما:
*السؤال الأول:
هل جمهور حزب الله، بات أقرب إلى الرئيس نبيه بري وما يمثّله فكرياً ووطنياً في مقاربته للكيان اللبناني ونهائيته لأبنائه كافة؟
إنّ مرجعية شيعة حركة أمل السياسية والدينية الإمام موسى الصدر، وهوية مشروعهم لبنانية وطنية بغضّ النظر عن الأداء في الحكم والسياسة. حزب الله نشأ كمقاومة إسلامية تقاوم باسم الأمة وتؤمن بولاية الفقيه، ومرجعيته السياسية إقليمية إيرانية. وبالتالي، هل سيختار جمهور حزب الله المحبط والمنكوب، توجهات الرئيس بري؟.
أم أنّ الحزب في قيادة الشيخ نعيم قاسم اليوم وما بعده من قيادات ستأتي، سيعود إلى الحالة الإسلامية المتشددة الداعية إلى إقامة ولاية الفقيه. هذه الحالة التي أخرج السيد نصر الله جمهوره منها لاقتناعه أنّ الحزب وإن كان يدين بالولاء لإيران ولولاية الفقيه، لا يمكنه إلّا أن يعود إلى لبنانيته ويكون جزءاً من النسيج اللبناني.
لسنوات نجح نصر الله وبري في ردم الهوة الناتجة عن هذين الفكرين. هل في حزب الله ما بعد السيد قيادة ستلاقي بري على الاستمرار بما أرساه مع نصر الله؟
*السؤال الثاني:
ماذا عن مستقبل الشيعة خصوصاً وأنّ بري أصبح متقدّما في السن؟
هناك تفكير جدي وعميق في هذا السؤال. تقول المصادر النخبوية ذاتها "إن طائفة تضحّي من أجل لبنان، ومن أجل مشاريع خارجية. طائفة متهمة بعزل لبنان وجعله ساحة ورهينة، طائفة متهمة بخراب البصرة، يتحمّل جزء منها مسؤولية هذه الحرب والدمار والنكبة التي مني بها الشيعة ومعهم اللبنانيون. وتتحمّل هذه الشريحة من الطائفة ما سبق من حروب وخسائر ودمار. هل هذه الطائفة اليوم بوارد أن تعيش كلّ هذه الخسائر والنكبات في حروب تتجدد بعد سنوات؟"
.. ولكن:وبعد منح الحكومة الثقة، سيبدأ البحث عن الأجوبة وسيتم الخوض في نقاشات داخل الطائفة للخروج بأجوبة وتحديد أيّ مستقبل يريده الشيعة في لبنان "الجديد".
.. ومع هذا الجدل العميق؛ وفي السياق، أنهى "حزب الله" التحضيرات اللوجستية أيضاً في مدينة كميل شمعون الرياضية، بالعاصمة بيروت، والتي ستشهد تشييع نصرالله، منذ ساعات الصباح الأولى، قبل أن تنطلق المراسم الرسمية عند الواحدة ظهراً، وسط حضور رسمي لبناني وعربي وأجنبي.
وكان دعا نائب رئيس المجلس التنفيذي في "حزب الله" الشيخ علي دعموش إلى "أوسع مشاركة في التشييع"، وقال في مؤتمر صحافي: "ليكن مشهداً استثنائيّاً جامعاً يليق بمكانة الشهيدين".
ومن المرتقب أن يحضر التشييع وزير الخارجية الإيرانية عباس عراقجي ورئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف، إلى جانب وفود من إيران والعراق ودول إسلامية أخرى.
*رئيس مجلس الشورى الاسلامي في إيران " قاليباف".
.. في الإعلام اللبناني والعربي والدولي، مثلما في الاميركي و الإسرائيلي، ظهر اهتمام بحضور
رئيس مجلس الشورى الاسلامي في إيران "محمد باقر قاليباف"، الذي صرح قبيل توجهه الى العاصمة اللبنانية بيروت للمشاركة في مراسم تشييع السيد نصرالله: سيكون لنا لقاءات مع المسؤولين اللبنانيين في بيروت لعلها تكون انعطافة في تحسين العلاقات بين البلدين
.. ولفت:مراسم تشييع السيد نصرالله ستكون نقطة فارقة تعكس عظمة هذا الشهيد وعظمة الشعب اللبناني.
.. وتناول صحيفة "الديار" التشييع بالقول:: فرض موعد تشييع السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين نفسه على الاهتمامات، حيث الاتصالات والاجراءات التي تركز على تمرير استحقاق الأحد بهدوء، من دون أن تتسبب ضخامة ما سيجري بأي شيء يعكِّر المناسبة. فحزب الله الذي يخوض معركة إثبات وجود، لا يتعلق فقط بمستوى الحشد الشعبي بل بالتمثيل السياسي والخارجي، يريد من المناسبة استفتاء له، للتاكيد انه ليس في عزلة... فهل ينجح في الامتحان؟
المصدر كشف انه حسب تقديرات حزب الله، فهناك وفود من 65 دولة ستشارك في التشييع، واكثر من 800 شخصية رسمية من خارج لبنان، اضافة الى آلاف المواطنين الذين حضروا من مختلف بلدان العالم. ومن ضمن الوفود المشاركة، نائب الرئيس السابق لجنوب افريقيا (حفيد نلسون مانديلا)، نجل تشي غيفارا، كذلك مجموعة من اليهود المعارضين لسياسة واشنطن في المنطقة، وللاحتلال الاسرائيلي.
* كلمة مفصلية للأمين العام الشيخ نعيم قاسم .
.. وصفت المشاركة الشخصية للأمين العام الشيخ نعيم قاسم ستكون محط اهتمام الكثيرين، فان كلمته، وفقا لمصادر مقربة من حزب الله، ستكون مفصلية في تاريخ الحزب ومسيرته، مشكلة انطلاقة لمرحلة جديدة بعناوين، ستطبع سلوك الحزب خلال الفترة المقبلة سواء في الملفات الداخلية وتعامل الحزب مع محاولات تطويقه الداخلية، والخارجية، حيث سيكون كلامه مؤشرا لكيفية معالجة الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الجنوبية، تحت "غطاء الدولة"، "فحزب الله وضع تحرير الأرض في عهدة الدولة، لكن حيث يوجد احتلال توجد مقاومة"، وبالتالي عليها تحمّل مسؤولياتها الكاملة من أجل تحرير الأرض ومنع الاعتداءات والخروقات".
الامين العام الشيخ قاسم، وفق المصادر سيركز على :
*1:
ان المقاومة مستمرة في مسارها الطبيعي، ولن تتوقّف عن الدفاع عن لبنان وشعبها وأمتها ومقدساتها.
*2:
المقاومة وحزب الله، لن تتراجع عن أهدافها، وستظلّ صامدة ولن يتسنّى للعدو القضاء عليها.
*3:
أنّ لبنان سيظلّ على الدوام بلداً للوحدة الوطنية والسلم الأهلي، لكن عندما يمسّ أحد بكرامة شعبها فهي جاهزة لأيّ قرار يحمي كرامته وإنجازاتها، فلبنان الذي قدّم أغلى قادته شهداء لن يكون موطئاً للصهاينة ولن يُقسّم تحت أيّ ظرف.
*توتر لكنه مضبوط
في متغيرات رافقت تحضيرات حالة أعمال حزب الله أثناء التحضيرات ليوم التشييع، ذكرت صحيفة "نداء الوطن" البيروتية أنّ "عدداً من القيادات السنّية الدينية والسياسية، وخصوصاً في بيروت، تابعت الأوضاع على الأرض وعملت على ضبط الناس لعدم الردّ على الاستفزازات. كما حصل تواصل مع المرجعيات الأمنية لمعالجة الأمور وتمرير يوم التشييع من دون مشاكل، لأنّ هناك فريقاً مأزوماً يريد شدّ العصب".
.. وأيضا بحسب التقديرات الأمنية، التي اطّلعت عليها "نداء الوطن"، تعدّ المناطق الأكثر حساسية، عين الرمانة الشياح وطريق عاليه وبيروت، حيث مناطق التداخل السنّي - الشيعي، مع عدم إغفال مناطق أخرى، لذلك رُفعت الجهوزية إلى حدودها القصوى.
.. وفي المشهد، فرضت الاستعدادات الأمنية واللوجستية للتشييع، في المدينة الرياضية في بيروت ومحيطها ايقاعا الزامياً على السلطات السياسية والأمنية قبل 48 ساعة من موعد التشييع. واذا كانت التوقعات تشير بطبيعة الحال إلى أن حجم الحشود التي ستشارك في التشييع سيكون ضخماً بحيث يكفي ان يشارك انصار الحزب والثنائي الشيعي وحدهم لضمان ضخامته الشعبية، فان استعدادات القوى الأمنية الرسمية بكل الإجراءات التي تقررت وبوشر تنفيذها تباعاً، شكلت وفق المعطيات المتوافرة خطة أمنية محددة لهذا اليوم بكل تشعباته ان في موقع التشييع ومكان دفن السيد حسن نصرالله وان في كل المنطقة المحيطة بشوارعها وتفرعاتها وخطط تنقل الحشود قبل التشييع والدفن وبعدهما.
وأشارت مصادر سياسية وأمنية، أن عدد الوافدين من الخارج من دول عربية وإسلامية وأجنبية كبير جداً يقدر بمئات الآلاف، حيث بلغ الوافدون من العراق والجمهورية الإسلامية في إيران من لبنانيين وإيرانيين وعراقيين، وكذلك الأمر من اليمن أكثر من مئتي ألف ومن المتوقع أن تصل وفود أخرى ، وتوقعت المصادر أن يكون التشييع عالميّاً ومسيرة مليونية.
وأفيد بأن «وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي سيشارك في التشييع».
وأشارت المصادر إلى أنه رغم الظروف المناخية والأمنية والتهديدات الإسرائيلية لمطار بيروت إلا أن الوفود لا زالت تتقاطر إلى لبنان للمشاركة في التشييع.
.. والواضح من تزامن المصادر، أن بيروت اليوم تعيش، تكاثف جوهري، فقد وصف امن المهرجان، بانه: سيكون بالمطلق للجيش ، وهو «الامر الناهي»، مع جميع الاجهزة الامنية،ورأس رئيس الجمهورية العماد جوزف عون اجتماعاً امنياً بحضور وزير الدفاع الوطني اللواء ميشال منسى ووزير الداخلية والبلديات العميد احمد الحجار وعرضت خلال الاجتماع الأوضاع الأمنية في البلاد والتطورات في الجنوب كما تطرق البحث الى الترتيبات الأمنية المتخذة لمواكبة تشييع نصر الله وصفي الدين الاحد المقبل، وتقرر ان تكون الاجتماعات الأمنية دورية وعندما تقتضي الحاجة.
*حدوثة لبنانية برغم بعض المخاوف.
المحللة السياسية في موقع لبنان ٢٤، إيناس كريمة، تنبه إلى أن هناك مؤشرات :
تعمل القوى السياسية المُعادية لـ "حزب الله" بالتوازي مع هجومها المُمنهج عليه على محاولة استيعاب الحشد الجماهيري الذي سيكون حاضراً للمشاركة في مراسم تشييع الأمين العام السيّد حسن نصر الله، على اعتبار إنّ هذا الحشد من شأنه أن يُعيد رسم التوازنات الداخلية من جديد خصوصاً في ظلّ الحديث عن عدد غير مسبوق من المشاركين. وبحسب المنظمين فقد بلغ عدد الوافدين حوالي 400 الف قبل أيام... وقالت :توزّعت بحسب المنظمين على الشكل التالي: العراق 140 ألفاً، الجمهورية الاسلامية الايرانية 106 الاف، الكويت 18 ألفاً، البحرين 9 آلاف، عُمان 9 آلاف، اليمن 27 الف، ومتفرّق 80 ألفاً، ولا تزال الأعداد في تزايد حتى يوم التشييع.
كريمة تضع بعض الملاحظات، التي لها ابعادها السياسية والأمنية، ومنها:
*اولا:
أن القوى المعادية للحزب تخشى أن يُشكّل هذا التشييع طوفاناً يعطي دفعاً سياسياً كبيراً لحزب الله الذي سيصبح قادراً على فرض شروطه وعلى التهديد بالشارع في الأشهر المقبلة، ما يجعل الحكومة اللبنانية عاجزة عن تحجيمه أو الذهاب بعيداً في عملية حصاره مالياً أو حتى سياسياً وإعلامياً.
*ثانيا:
أنّ خصوم "حزب الله" يعرفون جيداً أنّ خروج "الحزب" من صدمته نتيجة تلقّيه ضربات عسكرية قاسمة واغتيال أمينه العام، سيُعيده الى موقعه الأول من جديد ليظهر بصورة القوّة الأكثر تنظيماً والتي تملك القدرة على الحشد الجماهيري في لبنان من مختلف الطوائف، لذلك سيكون من الصّعب هزيمته على المستوى العملي.
*ثالثا:
أن تشييع السيّد حسن نصر الله والسيّد هاشم صفيّ الدين مؤشرٌ عما ستكون عليه الإنتخابات النيابية المقبلة، لأنّ الاستحقاق النيابي 2026 سيكون فعلياً لحظة مفصلية؛ ففي حال تمكّن "الثنائي الشيعي" من حصد أكبر عدد من المقاعد النيابية بالإضافة الى المقاعد الشيعية، الامر المُتاح وفق قانون الانتخابات الحالي، فإنّ ذلك سيعني اثبات نفسه جزءاً أساسياً من الواقع السياسي لا يمكن تخطّيه أو تغيير التوازنات الداخلية حتى ولو ربطاً بالتوازنات الاقليمية.
*رابعا:
أنّ "حزب الله" بدوره يترقّب يوم التشييع ليبني على الشيء مقتضاه في السياسة الداخلية وسياساته الاعلامية وغيرها من الأمور. لذلك من المُتوقّع أن ينتقل "الحزب" بعد يوم التشييع الى مرحلة جديدة من التعاطي في الشؤون الداخلية اللبنانية وحتى في الشؤون المرتبطة بالصراع مع اسرائيل والعلاقة مع دول المنطقة.
.. كان لافتا ما قدمه تلفزيون المنار بالقول:"يا اهلَ الارضِ – هلمُّوا كي نعيدَ الى السماءِ اغلى ودائعِها.. فقد حانَ الوداع ، واللقاءُ كما عوَّدَتنا الايامُ – مع كلِّ نصرٍ وكلِّ فجرٍ وكلِّ فخرٍ ستُثمرُه الدماء.. حانَ الوداعُ الى حين، واللقاءُ معَ الفتحِ المبينِ في القدسِ وباحاتِها ، بعدَ اَن طوى القائدُ العظيمُ بدمائه طريقَها التي لن تَطول".
.. ولعل تلفزيون "أم تي في"، كان واضحا عندما اعتبر التشييع حالة استثنائية، وقال:
كلُّ الأنظار تتّجه اليوم الأحد إلى المدينة الرياضيّةِ ومحيطِها. فتشييعُ الأمينَين العامَّينِ السابقَين لحزب الله السيد حسن نصرالله وهاشم صفي الدين، حوَّله حزبُ الله، مناسبةً لإثبات حضورِه ولإطلاق الرسائلِ السياسيّةِ، وفي كلّ الإتجاهات. فهو :
*رسالةٌ إلى بيئة الحزب فحواها أنّ الحزبَ لم يضعَف، وأنّ خَسارتَه الحربَ ضدَّ إسرائيل لا تعني إضعافَ قوَّتِه السياسيّة.
* الرسالة الثانية إلى القوى السياسيّةِ وسائرِ المكوّناتِ اللبنانيّة، وهي أنّ المرحلة الجديدة التي بدأت بعد انتهاءِ الحرب لن تؤدّي إلى إضعاف حضورِه في المشهد السياسي.
* أما الرسالةُ الثالثة فإلى المجتمعَين العربيِّ والدوليّ، للقول لهما إنَّ الحزب لا يزال القوّةَ الشعبيّةَ الأولى في لبنان.
.. ليس في الذاكرة، اليوم غير ان يمر التشييع دون أي تحديات أو اشكاليات، الترقي واضح، وما ينقل عبر الفضائيات ومواقع التواصل الإعلامي، يؤشر على أن ما يحدث هو في النتيجة مشهدية مختلفة وحالة التفاف تاريخية، تليق بشهيدٍ دخل تاريخ لبنان والمنطقة والعالم من بابه العريض، بعدما قاد على مدى اكثر من ثلاثة عقود مقاومة للعدو الصهيوني، انطلاقا من مبدأ تباين طائفيا وإسلاميا وعقائديا.
.. نصرالله، وقف ضد اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني منذ العام ١٩٨٢،وصولا الى حرب تموز 2006 وعدوان ايلول 2024، حيث القى العدو عشرات الاطنان من القنابل على مقره في ضاحية بيروت الجنوبية، ما ادى الى ارتقائه شهيدا في 27 أيلول سبتمبر الماضي.
.. تشييع حر، مختلف، اعد ليليق بسيد المقاومة اللبنانية وصاحب كاريزما، لا اختلاف على جوهرها، لكن قد يكون هناك من يختلف على مدى انشغال العالم الاستعماري، بما تحقق من قدرة على الاستمرار في الشهادة وحماية الأوطان ومواجهة كل الدول الداعمة للكيان الإسرائيلي الصهيوني المتطرف.
.. التشييع حالة فكرية، يعني ان تشييع دولة حزب الله، ما زال بعيدا، فالاصل الفكرة.. وفكرة المقاومة لا تموت.
ــ الدستور المصرية
*huss2d@yahoo.com