نشأت الحلبي يكتب : خطة ترامب إذ تنقلب إلى "وَهْم" .. ذاك انتصار أردني في عقر دار "الواهم"

نشأت الحلبي :
ناشر ورئيس تحرير نبأ الاردن
أما وأن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التراجع عن خطته بشأن غزة، وبمفردات سياسية بعيدة عن "مفردات الغضب" مثل "الاهوج" و"الأرعن" و"المخبول"، فإننا نقول، بكل هدوء، إن ذلك انتصار أردني أولاً ويستحق أن نمجّده وأن نفخر به بفخرٍ يطال عنان السماء.
وهنا نستحضر تفاصيل تلك المعركة الأردنية التي احتدمت أمام كل العالم في عقر دار ترامب بالبيت الأبيض ومن المسافة "صفر"، فالأردن قاد تلك المعركة "الدبلوماسية" بكل حنكة، واستخدم فيها "القائد"، الملك عبدالله الثاني بن الحسين، كل ما ورث من خبرة السياسة "الهاشمية" منذ الشريف الحسين بن علي، مروراً بـ عبدالله الأول، وصولاً إلى الحسين الأول، فإن هي إلا لحظة حاسمة فارقة بكل المقاييس، فاللين فيها و"الهوادة" يعني أن الأردن، عَرَق وتعب الآباء والأجداد، سيكون في مهب الريح، فظهرت "فِراسة" الهاشميين، وشيم القيادة بكل تلك الخبرات المتراكمة، فوجه الملك "ضربة قاضية" بدأت ملامح "ترنح الخصم" فيها تظهر شيئاً فشيئاً، وكانت البداية بخطاب ترامب الذي وجهه للشعب الأردني بعد أن شاهد كل ذلك الدعم الشعبي لموقف القيادة، و"انبطح" بشكل كامل وهو يُعلن التراجع تماماً عن الخطة التي تبددت وباتت "وهم" أمام صلابة الموقف، والمبدأ، فالملك أرسل الرسالة تلو الأخرى، وآخرها كان بكلمات واضحة : "كيف أتراجع بعد عشرين سنة .. وعيب عليهم".
حقّ لنا أن نقول إن هذه معركة "كرامة" أخرى، لم يُسال فيها دماً طاهراً، نعم، لكن سال فيها "عرق جبين" التعب والملك "يُعارك" رئيساً يتربع على السلطة لأقوى قوة في العالم.
الأردن، أعاد القضية الفلسطينية إلى مسارها السياسي الصحيح، والعناوين عادت إلى الواجهة من جديد، لا تهجير ولا توطين ولا وطن بديل، والحل الوحيد هو دولة فلسطينية يحكمها أبناؤها بعد أن توافقوا مع العالم كله، أن تكون على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وإذ لا ننسى موقف الشقيقة مصر، فقد كان مسانداً للموقف الأردني، ولكننا في الوقت عينه، يحق لنا أن نفخر بذلك الانتصار الأردني الذي شد من عضد الشعب الفسطيني، ومن مقاومته وحقه في المصير الذي تستحقه الشعوب الحرة.
المعركة ولا شك، لم تنتهي بعد، والأردن، الذي لا يهرب من المواجهات المصيرية، سيبقى على العهد، فلا يخون ولا يطعن بالظهر، ولا ينكفئ، وهذه، كما عُرِفَ عن العرب، صفات القائد "النشمي" المغوار، وعليه، فلن تهدأ عمّان، إلا وأن ترى حلم الشعب الفلسطيني، وقد أصبح حقيقة على الأرض، تاركةً خلفها كل الأصوات التي تصيح "تحت الأرض" لتبقى مكانها، فلا مكان تحت الشمس إلا للحقيقة والأفعال، والنتائج.