الأخبار

علي ابو حبلة : مؤتمر ميونيخ في دورته الـ 61 والخلافات الأمريكية الأوروبية

علي ابو حبلة : مؤتمر ميونيخ في دورته الـ 61 والخلافات الأمريكية الأوروبية
أخبارنا :  

اختتم مؤتمر ميونخ للأمن الحادي والستين أعماله، وخلال جلسات المؤتمر طغت على السطح الخلافات المتزايدة بين الولايات المتحدة وأوروبا واستحوذت على اهتمام المحللين والمتابعين ووسائل الإعلام وأشار رئيس مؤتمر ميونخ للأمن في خطابه في الحفل الختامي، على وجه التحديد إلى تصريحات نائب الرئيس الأمريكي جيمس ديفيد فانس ضد أوروبا، وقال «علينا أن نقلق من أن أساس قيمنا المشتركة لم يعد راسخا».

وفي خطوة غير متوقعة شن نائب الرئيس الأمريكي، جيه دي فانس، في كلمته خلال المؤتمر هجوما لاذعا على السياسات الأوروبية، إزاء الهجرة والأحزاب اليمينية المناهضة لها وإزاء حرية التعبير، مرددا أفكار الرئيس دونالد ترامب الذي وصفه بأنه «عمدة المدينة الجديد في واشنطن».

وانتقد فانس «مفوضي» الاتحاد الأوروبي لقمعهم حرية التعبير، واتهمهم بأن «حرية التعبير في جميع أنحاء أوروبا، كما أخشى، في تراجع»، وذلك في إشارة إلى ما يعتبره عدم تمتع الأحزاب اليمينية المتطرفة المناهضة للهجرة بحرية التعبير وأشار في هذا الصدد وخص رومانيا ، حيث ألغت المحكمة الدستورية الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية هناك، بعد أن تصدر المرشح كالين جورجيسكو الذي يوصف بأنه «يميني متطرف» نتائج الاقتراع.

وفي تصريح لافت للرئيس الألماني ، فرانك فالتر شتاينماير « يستحق الانتباه « وقد أوضح ، في وقت سابق أن أهم علاقة دبلوماسية لبرلين تدهورت بشكل حاد، منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض ، وقال شتاينماير: «إن الإدارة الأمريكية الجديدة لديها وجهة نظر عالمية مختلفة تماما عن وجهة نظرنا. وجهة نظر لا تراعي القواعد الراسخة والشراكة والثقة الراسخة» وفي كلمته خلال المؤتمر قال شتاينماير: «أقول لشركائنا وأصدقائنا إن السياسة الخارجية والأمنية الألمانية ستظل أوروبية، وستظل عبر الأطلسي، وستظل متعددة الأطراف» وأضاف: «نسعى لتحقيق مصالحنا، ونبحث عن حلول مشتركة، ونعمل على توسيع شراكاتنا الدولية»، حتى خلال فترة انتقال سياسي، في إشارة إلى الانتخابات الوطنية المرتقبة في ألمانيا.

ونددت المسئولة الأوربية بالرسوم الجمركية، باعتبارها ضريبة على أولئك الذين لا يستطيعون تحملها، مضيفة أن «الحروب التجارية لا طائل منها» ودعت المفوضة الأوروبية إلى سلام دائم في أوكرانيا، حتى «لا تتكرر أهوال السنوات الثلاث الماضية مرة أخرى»، وقالت إن الأمر متروك للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لإظهار أنه «تخلى عن محاولة تدمير أوكرانيا» وأضافت: «إن أوكرانيا الفاشلة من شأنها أن تضعف أوروبا، ولكنها ستضعف الولايات المتحدة أيضا»، فيما بدا أنه تحذير للبيت الأبيض.

كما قالت فون دير لاين في القمة إن مستقبل أوكرانيا «يقع هنا في أوروبا»، وإن المسئولين يعملون على انضمام ذلك البلد إلى الكتلة ، وفي اشاره الى خطط «خطط ملموسة» قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، مارك روته، إن التركيز بالنسبة للحلفاء الأوروبيين يجب أن ينصب على توضيح ما يمكنهم تقديمه، لضمان استمرار اتفاق سلام محتمل بين روسيا وأوكرانيا ، وفي حديثه للصحفيين في ميونيخ على هامش المؤتمر، قال إن اتفاق السلام يمكن أن يبدأ عاجلاً وليس آجلاً، وإن الدول الأوروبية يجب أن «تضع خططاً ملموسة» و»تخلق الحقائق»، وإن عليها «الانخراط في المناقشات».

فيما أشار الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إن المناقشات السابقة مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، حتى الآن «ليست كافية بالتأكيد لتشكيل خطة» للسلام مع روسيا ، لكنه أضاف أن الإشارات القادمة من واشنطن «قوية»، وإن كانت «متنوعة»، مضيفا أنه يحتاج إلى إجراء المزيد من المحادثات مع نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس.، وقال زيلينسكي: «لن نعترف أبدا بالأراضي المحتلة على أنها روسية».

تصريحات فانس التي كانت أشبه بفيلم يعرض أمام العالم أجمع أثارت غضباً أوروبياً عارماً ومستمراً لم ينته بانتهاء المؤتمر، ما استدعى عقد اجتماع عاجل في باريس لقادة الدول الأوروبية غداة انتهاء مؤتمر ميونيخ لتشكيل جبهة موحدة، إلا أن الاجتماع شهد انقسامات داخل دول الاتحاد.

وفي مقابل تظهير الخلافات والانقسامات بين الولايات المتحدة وأوروبا في المؤتمر – الذي حضره حوالي 60 من رؤساء الدول والحكومات و150 وزيراً والمئات من صناع القرار السياسي والأمني في العالم – حرص الجانب الأمريكي على تسريع خطوات التقارب والتطبيع والحوار مع موسكو، وتم الإعلان عن انعقاد القمة الروسية الأمريكية في الرياض بالمملكة العربية السعودية دون دعوة ممثلين عن الاتحاد الأوروبي، ما زاد الغضب في العواصم الأوروبية.

كان واضحاً أن إدارة ترامب أرادت أن تعلن مواقفها تجاه القضايا الإقليمية والدولية عبر منبر عالمي، فاختارت مؤتمر ميونيخ للأمن في ألمانيا. وجاءت كلمة نائب الرئيس الأمريكي خلال افتتاح المؤتمر لتظهر لأول مرة الانقسام الحاد بين طرفي الأطلسي، ولتعمق بشكل كبير ما يسمى ظاهرة «الروسوفوبيا»، حيث تشعر أوروبا بالقلق والخوف الدائمين من روسيا وتسعى لإضعافها. ورغم أن روسيا لم تشارك في مؤتمر ميونيخ هذا العام، إلا أنها كانت الحاضر الأكبر فيه بسبب الحرب في أوكرانيا والتي هيمنت على أعمال المؤتمر بأيامه الثلاثة، والتي أعلنت واشنطن مراراً أنها تريد إيقافها وتريد أن تعيد رسم خارطة علاقاتها مع موسكو، هذه الخلافات التي تعصف بين أمريكا وأوروبا يضعف حلف الناتو وينعكس سلبا على العلاقات التجارية بين ضفتي الأطلسي ، وربما تصبح فكرة إنشاء جيش أوروبي موحد وبناء هيكلية جديدة للأمن الأوروبي في محاولة يائسة لأخذ زمام المبادرة وتوفير ضمانات أمنية لأوكرانيا. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك