الأخبار

د. مهند مبيضين : السعودية والأردن: علاقة أكبر من الجغرافيا

د. مهند مبيضين : السعودية والأردن: علاقة أكبر من الجغرافيا
أخبارنا :  

العلاقات الأردنية مع دول الخليج مميزة، وراسخة، وراشدة. يعرفنا الأشقاء هناك جيدًا، كما نعرفهم بالمثل. ربما يُقال ذلك على مستوى جميع دول الخليج، التي كانت دومًا في حالة تفاعل إيجابي مع الأردن وحاجاته، وكذلك كان الأردن معها.

في السعودية نكهة خاصة لعلاقتنا المشتركة، وأبعاد فيّاضة بالمودة، ومغلفة بالحرص على دوام المودات والمصالح الحيوية. جوارٌ صحيح تحكمه الجغرافيا والتاريخ، الذي مرت قوافله نحو بلاد الشام والعالم عبر أرض الأردن أولًا، لكن راهنًا تحضر فيه كل مشاعر الحب والدفء في العلاقات، والإحساس العميق بضرورة الاستقرار في المنطقة.

وهو بذلك مجال ثقافي، واجتماعي، وسياسي، واقتصادي مليء بالفرص على الجانبين، أردنيًا وسعوديًا. فحكومات ووزارات البلدين في أعلى درجات التفاهم والتنسيق والعمل المشترك.

إذن، ما المطلوب؟ في الحقيقة، لا يوجد شيء يمكن أن يُضاف لوصفة التاريخ والجغرافيا حينما تُدار بالحكمة والرشد السياسي في العلاقات، وخوف الشقيق على شقيقه في مواجهة التحديات والخصوم. واليوم، نحن نشهد أعلى درجات التنسيق بين البلدين في مواجهة أزمة حرب غزة وتداعياتها، وفي تكريس نهج العقلانية والفهم الحقيقي لما يجب أن تكون عليه صورة الحل النهائي للقضية الفلسطينية، وتأكيدات الأردن وثوابته هي ذاتها سعوديًا، في مسائل حل الدولتين، ورفض التهجير، والسلام العادل.

في علاقات الأردن والسعودية فرص كبيرة للنمو، خاصة في الاقتصاد والاستثمار، فالأردن بلد قريب لمساحة واسعة من الجغرافيا السعودية وسكانها، والاستثمار ممكن في التعليم، والسياحة، والطب عبر برامج محددة. ومع أن هناك صندوق استثمار سعوديًّا أردنيًّا، إلا أن الأمر يحتاج إلى التفكير بشكل أوسع في متطلبات المستقبل والزمن القادم، والإفادة المشتركة للبلدين.

لا أتحدث هنا عن الرواية الدائمة التي صُدِّرَت بأن السعودية تملك الموارد المالية، والأردن يملك المورد البشري المدرَّب والكفوء، فذلك صحيح. لكن يمكن التفكير في كيفية جعل الأردن والسعودية يشكلان قلب مشروع الشرق الأوسط الجديد تنمويًّا، من خلال السياحة، والرياضة، والتعليم، والتكنولوجيا، والتعدين الموجَّه والمحدد الأهداف. وهذا، على الأقل، يبدأ بإيصال سكة حديد السعودية التي تقف عند القريات شمالًا، لتصل إلى عمّان، ومن ثمّ العقبة.

عموماً، هذا كلام ربما يكون للمختصين، لكن في السعودية، وبالأخصّ بإعلامييها الكبار ومثقفيها، نشهد تلمسًا وحرصًا دائمين للدفاع عن الأردن في مواجهة من يحاول النيل منه أو الإساءة إليه. وفي المقابل، الأردنيون، بتوجيه قياداتهم، ومشاعرهم الصادقة، ومروءتهم الأصيلة، يرون السعودية ليست جارًا، بل دار الأخوة الكبار، والبلد الثابت والمتزن، والراجحة محبتُنا عنده. ولنا معه قسمة مشتركة بين التاريخ والجغرافيا والاجتماع البشري، الذي يجعل الشعبين ثقافة واحدة ومصائره مشتركة.

ــ الدستور

مواضيع قد تهمك