الأخبار

طايل الضامن يكتب : دروسٌ وعِبر بعد لقاء الملك - ترامب

طايل الضامن يكتب : دروسٌ وعِبر بعد لقاء الملك  ترامب
أخبارنا :  

بعد مضي عشرة أيام على لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في واشنطن، اتّضحت أمور كثيرة، وزالت تشوهات سبَّبها الإعلام قصداً أو عن غير قصد.

ومما لا شكّ فيه أنّ الإدارة الأميركية حاولت خلال اللقاء الضغط إعلامياً وسياسياً ووسائل ضغطها كافّة، بُغية تحقيق مكتسبات سياسية أو الحصول على موافقة أردنية على خطة ترامب بتهجير مواطني غزة، وجيّشت وسائلَ الإعلام لذلك، إلى درجة أنّ وكالة رويترز «شوَّهت» تصريحات الملك فيما يتعلق بقضية التهجير.

نشرت الوكالة خبرها المضلّل: «ملك الأردن عن استقبال الفلسطينيين: علينا أن نضع في الاعتبار كيفيّة تنفيذ هذا الأمر بما يخدم مصلحة الجميع»، وللأسف، فهناك مَن استغل هذا «التحريف» وبدأ هجومه على الأردن، بل إنّ البعض في الداخل الأردني أخَذ يُشكّك بمواقف المملكة من القضية الفلسطينية، فالمصائب أو الشدائد تكشف عن نوعية «المتخاذلين المرتجفين» لأنّ المِحن تكشف معادن النّاس.

احتاجت وكالة رويترز العالمية إلى سبعة أيام لتكتشف خطأها، فاعترفت به وقالت إنها بثّت خبراً مستعجلاً مُضللاً وجرى سحبُه، وأصدرت توضيحاً بتصريحات جلالة الملك خلال اللقاء.

خطأ رويترز، لا يهمّنا إن كان مقصوداً أو غير مقصود، وأنا أعتقد أنّه جاء في سياق الضغط المُعدّ له مسبقاً على الأردن، لكنّ الأهمّ من ذلك أنّه كَشَّفَ كثيراً من الأمور منها كما قلتُ فئة «المشكّكين»، والإعداد الإعلامي الغربي المتصهين الجّيد للقاء ومحاولة تَجييره للمصالح الإسرائيلية.

انتهى اللقاء، وعاد جلالة الملك إلى أرض الوطن الذي احتضنه شعبه على أرض المطار، في مؤشر واضح على يقين الأردنيين بقيادتهم، ومدى قدرتها على الدفاع عن المصالح الأردنية والعربية في المحافل الدولية دون أدنى تشكيك أو تخاذل، وظهر هذا جلياً أمام العالم واستطاع الشعب الأردني أن يعوّض قصور بعض الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني والإعلام، وأن يبثّ رسالة واضحة للعالم بأن الشعب الأردني منسجم مع قيادته في رفض أيّ مخطط لتهجير الفلسطينيين من وطنهم.

جلالة الملك، وجد نفسه مضطراً لأن يوضّح ملابسات اللقاء، ويبثَّ عتبه الشديد على بعض الفئات خلال لقائه ثلةً من رفاق السّلاح من المتقاعدين العسكريين، عندما قال جلالته بكل وضوح إنّ موقفه منذ 25 عاماً لم يتغير، وهو المتجسّد في اللاءات الثلاث «كلا للتهجير، كلا للتوطين، كلا للوطن البديل»، وهي ليست مجرد شعارات بل موقف أردني ثابت وحاسم، ومن المعيب التشكيكُ فيه، وهو ما عبّر عنه جلالته بصيغة المعاتب المتألم بالقول: «عندنا ناس داخل البلد يأخذون أوامر من الخارج، مش عيب عليهم»، وهذا يؤشّر إلى مدى غضب القيادة من تخاذل البعض في أحلك الظروف، وضرورة تصويب هذا الخلل وفق المقتضيات القانونية اللازمة.

بالنتيجة، فلقاء الملك بالرئيس الأميركي، كشف لنا أيضاً مدى حنكة جلالته السياسية والدبلوماسية في محاورة إدارة ترامب التي تتصف بــ «الانقلاب على المشهد العالمي التقليدي»، والاتفاقيات العالمية بطريقة دراماتيكية غير مسبوقة في السياسة الدولية، وخرج جلالته من هذا اللقاء التاريخي قوياً بتوصيل الموقف الأردني بدبلوماسية ناجحة وجهود عبقرية، أجبرت ترامب على أن يظهر علناً ويمتدحها صراحةً.

إنّ المطلوب اليوم، من كل مشكّك أن يقطع شكّه باليقين، وأن يصوّب مساره، فالأردن لن يغير مواقفه من القضية الفلسطينية، فهي مواقف ثابتةٌ ثباتَ الأردن، وعلى الذين يأتمرون بأوامر الخارج أن ينحازوا إلى الوطن وأن يقفوا إلى صفّه في خندق واحد، فحرب غزة أثبتت لنا جميعاً أنه لا توجد دولة تستحق أن يتبعها أو يأتمر بأوامرها أحد. أمّا الذين أخذوا يردّدون ويتداولون تصريح رويترز، فكونوا مثلها على الأقل، واعترفوا بخطئكم! ــ الراي

مواضيع قد تهمك