عماد ابو حلتم : عندما تتصادم السياسة النقدية مع السياسة المالية

التضخم في الولايات المتحدة الأميركية ما زال عنيداً ولا تزال بيانات التوظيف القوية تصدر شهرياً، مما لا يثير الدهشة أن بنك الفيدرالي الأميركي سيبقي سعر الفائدة ثابتا وهذا ما حصل لشهر يناير والذي بقي عند 4.5% حيث من المتوقع أن يظل ثابتا حتى نهاية العام مع إمكانية خفض الفائدة مرًة واحدة بمقدار 25 نقطة أساس
انعكس ذلك على عائدات سندات الخزانة الاميركية، و التي بلغت حوالي 4.3% مما يشكًل ضغط على الجنيه الاسترليني و اليورو و اليوان الصيني للانخفاض في المقابل
على النقيض من ذلك، تغذي إدارة الرئيس ترامب التضخم من خلال التأثير على المعروض النقدي المحلي الأميركي والعالمي للدولار الأميركي من خلال تقليص العجز في الميزان التجاري والبالغ مئات المليارات وتخفيض المديونية ورتبتي وصلت إلى أعلى من ٣٥ تريليون دولار أميركي الأمر الذي ينعكس على دولار أقوى أمام العملات الأخرى مدعوما بخفض معدلات ضريبة الدخل إلى 15٪ على الشركات التي تعمل على الأرض الأميركية والانسحاب من اتفاق OECD منظمة التعاون والتنمية الاقتصادي والقاضية بفرض حد أدنى للضريبة العالمية بـ 15% مما يهدد من وجهة نظره الشركات الأميركية العملاقة والتكنولوجية مثل غوغل وميتا وأبل وغيرها والتي لها تواجد عالمي في دول تعتبر جنًات ضريبية لها.
طبعاً التهديد الأكبر على سلاسل الإنتاج والتوريد العالمية هو بفرض تعريفات جمركية تتراوح من 10٪ إلى 25٪ على النفط والغاز المستورد من كندا والمكسيك، وعلى الصلب والألمنيوم المستورد من جميع البلدان، وعلى السيارات وقطع الغيار المستوردة من كندا المكسيك والاتحاد الأوروبي والصين والقائمة تستمر، وهذه البلدان في المقابل، تهدد بالرد بتدابير مضادًة تحت قاعدة المعاملة بالمثل
كما أن الحلفاء الآخرين مثل الهند التي لا تهدد بفرض اجراءات انتقامية كما في كندا والصين سيكون هناك مبدأ المعاملة بالمثل هو الفيصل في التعامل الجمركي.
يدفع الرئيس ترامب بنك الفيدرالي إلى خفض سعر الفائدة لأنه يحتاج إلى دولار أضعف لتعزيز التصدير وجذب كل من الاستثمارات الأجنبية والأميركية في الخارج متغاضيا عن البيانات الاقتصادية الأميركية القوية حالياً، وأرقام التضخم، على العكس فإنه يتوقع انخفاض التضخم في المستقبل حالياً نتيجة تأثًر سلاسل التوريد العالمية، وأسعار النفط والسلع الأساسية نتيجة خفض العجز في الميزان التجاري الأميركي مع بقية العالم لصالح الولايات المتحدة الأميركية حسب خطة الرئيس الأميركي والتي من الممكن أن تقود العالم إلى حرب تجارية.
لكن.. لا تعمل السياسة النقدية على البيانات التنبؤية بل على القراءات الحالية وتحليل البيانات لمؤشر أسعار المستهلك والأجور ومستويات التوظيف..
حتى يتم تقارب كلتا السياستين، دعونا نشاهد ونحلل فالسنة في بدايتها..