الأخبار

د. صلاح العبادي : ماذا تضمّنت حقائب ترامب في خطاب تنصيبه؟!

د. صلاح العبادي : ماذا تضمّنت حقائب ترامب في خطاب تنصيبه؟!
أخبارنا :  

تضمّن الخطاب الذي أدلى به رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب في حفل تنصيبه، دلالات مهمّة تؤكد أنّ أجندة عمله خلال المرحلة المقبلة ستنصبَ على الشأن الأميركي الداخلي.

تعهد ترامب الرئيس رقم 47 للولايات المتحدة، بأن يكون «صانع سلام وموحد الصفوف».

ولايته الحالية ستكون مختلفة عن الولاية السابقة التي امتدّت بين عامي 2016 و 2020، وهذا الأمر كان واضحاً، عندما أصرّ على إنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة قُبيل حفل تنصيبه من خلال صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين.

ترامب، الذي يعتبر شخصيّة اقتصادية، مثير للجدل في تصريحاته، فهو يميل إلى افتعال الأزمات السياسيّة وإنهائها في الوقت ذاته.

فهو يتعامل مع الملفات السياسيّة بطريقة إدارة المشاريع الاقتصاديّة والصفقات الاستثمارية.

الشأن الداخلي الأميركي سيطر على أولوياته، والذي بدا واضحاً بأنه يستعد لاتخاذ إجراءات اقتصادية، ربما يكون لها تداعيات على العالم بأسره ومنطقة الشرق الأوسط.

الخطاب تضمن انتقادات حادة إلى إدارة سلفه الذي كان يمثل الحزب الديمقراطي. هذهِ الانتقادات كانت واضحة ومباشرة لسياسة الرئيس السابق، إن كانت على الصعيد الداخلي أو السياسة الخارجية للولايات المتحدّة الأميركية.

وقال ترامب، في خطابه: «لدينا الآن إدارة لا تستطيع إدارة أزمة بسيطة في الداخل بينما تتعثر في نفس الوقت في أحداث كارثية بالخارج».

أبرز محاور الخطاب كانت متوقعة، من خلال تصريحاته خلال الفترة الماضية، التي كان يتحدث فيها عن أولوياته، وأجنداته التي سينفذها منذ أن يتبوأ الرئاسة.

خطابه كان بمثابة إعلان حرب على ما كان يطلق عليهم بأعداء الداخل الأميركي؛ فهو تضمّن الحديث عن الأعداء لكنّه لم يذكر الأصدقاء!

يبدو واضحاً بأنّ المرحلة المقبلة من حكمه ستشهد إقامة الكثير من الدعاوى في المحاكم الأميركية، ضدَّ قرارات مرتقبة من قبل متضررين منها لا سيما ما يتعلق في الهجرة؛ خصوصاً وأنّ الولايات المتحدة الأميركية دولة تحكمها القوانين.

ترامب أكد أنّه يعيد سياسة «البقاء في المكسيك» كجزء من حملة شاملة على الهجرة. وسيسعى إلى وقف جميع عمليات الدخول غير القانونية، واحتجاز جميع المهاجرين الذين يتم القبض عليهم وهم يعبرون بشكل غير قانوني.

كما أنّ الخطاب تضمن الحديث بشكلٍ واضحٍ وصريح عن استعادة عظمة الولايات المتحدّة الأميركية لقوّتها في العالم، وتأثيرها على دول العالم. وقال: «ستستعيد أميركا مكانتها الصحيحة كأعظم وأقوى وأكثر الدول احتراماً على وجه الأرض».

خطاب التنصيب تضمّن رؤية مغايرة عن رؤيته في خطابه لعام ٢٠١٦.

المشهد السياسي في الداخل الأميركي مختلف تماماً عن تطلعات ترامب؛ حيث لا الحزب الجمهوري وحده، ولا الديمقراطي فحسب؛ وإنّما هناك قوى الضغط المختلفة التي لها تأثيراتها على القرارات الأميركية.

ترامب أشار بشكل واضح إلى موقفه من القوانين الفيدرالية والتي يمكن أن تستغل ضد المواطن الأميركي في دلالة إلى ما حدث معه خلال السنوات الماضية. وقال: «سينتهي استغلال وزارة العدل كسلاح سياسي».

العنوان الأبرز لسنوات حكمه هو التصادم مع الكثير من القوى السياسيّة.

أمّا على الصعيد الخارجي؛ فإنّ الخطاب تضمن إشارات إلى علاقة تصادميّة مع الخارج، من خلال فرض رسوم واتخاذ قرارات تمس اقتصاد بعض الدول، خصوصاً عندما تحدّث عن قناة بنما، وهدد «باستعادة قناة بنما»، التي اعتبر أن «أميركا تنازلت عنها بطريقة سخيفة».

كان لافتاً أنّ خطابه لم يفرد مساحة واسعة للقضايا العالمية؛ فهو لم يتحدث عن الصين وإيران ومنطقة الشرق الأوسط، وكان الخطاب منصبّاً على الداخل الأميركي.

عقيدة الرئيس ترامب تنطلق من إعادة اميركا للداخل، لكنّه لن يستطيع عزلها عن الخارج، لأنّ مصالح كل دول العالم مرتبطة بها.

الولايات المتحدة لم تصبح دولة عظيمة في العالم إلا بحكم علاقاتها مع الخارج وترسانتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وسيطرتها على مصادر الطاقة في العالم.

ليس من المستغرب أن يشير ترامب إلى شعار «أميركا أولاً»، لأنّه اعتمد على ذلك في الفترة الرئاسية السابقة، فهو متمسكاً بالسياسات التي أعلنها في الأشهر الأخيرة لتعزيز ما يصفه بسياسة «أميركا أولاً». لكنّ الأمر يحتاج إلى تساؤلات عديدة حول كيفية تطبيق هذا الشعار؟! ــ الراي

مواضيع قد تهمك