الأخبار

محمد ابو رمان : مصير حماس برسم اليوم التالي في غزة

محمد ابو رمان : مصير حماس برسم اليوم التالي في غزة
أخبارنا :  

يدرك قادة حركة حماس أنّ الحركة لن تكون قادرة على حكم قطاع غزة خلال المرحلة القادمة، وهو أمر يبدو مفهوماً وضمنياً في الحوارات التي تجريها الحركة مع السلطة الفلسطينية، بخاصة في القاهرة حول طريقة إدارة القطاع خلال المرحلة القادمة، وفي جلسات خاصة لقادة الحركة في الخارج يؤكدون إدراكهم لهذه الحقيقة، فلا الوضع الإنساني ولا الاقتصادي ولا الإقليمي ولا الدولي سيسمح ببقاء غزة تحت حكم حماس!
ما تحاول الحركة الوصول إليه اليوم هو التوافق على القواعد الجديدة لإدارة القطاع المنكوب، بما لا يؤدي إلى القضاء الكامل على وجود الحركة بصورة كاملة في غزة، لذلك يجري الحوار حول تكوين اللجنة الإدارية أو لجنة الإسناد التي من المفترض أن تدير القطاع، ويسعى قادة حماس ألاّ تكون اللجنة معادية للحركة وألا تأخذ خطوات جذرية ضدها خلال المرحلة القادمة، ويبقى سؤال «سلاح المقاومة» من الأسئلة الرئيسية في مستقبل القطاع والحركة، فضلاً عن مصير قادتها وأعضائها، بخاصة من قادة كتائب القسام ومن الحكومة والأجنحة السياسية، فالحركة بالرغم من حجم التدمير الكبير والاستهداف المباشر لها، مما أدى إلى استشهاد آلاف المقاتلين التابعين لها، إلاّ أنّها لا تزال تمتلك جسماً تنظيمياً صلباً، وقاعدة اجتماعية عريضة، فضلاً عن أنّها أظهرت فور تطبيق وقف إطلاق النار أنّ مركز القيادة والسيطرة لديها سليم ومعافى، من خلال الرسائل «البصرية» و»الرمزية» التي بعثت بها خلال تسليم المحتجزات الإسرائيليات من جهة، ومن خلال بيان وزارة الداخلية لحكومة غزة الذي أعلن إعادة نشر قوات الأمن لضمان الاستقرار.
إذا صمد اتفاق وقف إطلاق النار (وقد يكون تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب أول أمس مقلقاً حول عدم تأكده من استمرار الاتفاق، فحديثه مرتبط بمعلومات أمنية بالضرورة)، فإنّ المرحلة الثالثة هي الحاسمة في تحديد مستقبل القطاع وتقرير مصير حماس مستقبلاً، وهي المرحلة التي لم يتم التوافق بعد عليها، وتعرّف اليوم بأنّها «اليوم التالي» للحرب، الذي تتراوح سيناريوهاته بين خطط إسرائيلية متباينة، بعضها «خطة الجنرالات» يدفع نحو إعادة احتلال القطاع أو السيطرة الأمنية والعسكرية عليه، وبعضها الآخر تقطيعه وإقامة مناطق آمنة، وسلطة محلية مستقلة عن غزة، وأفكار مصرية حول إقامة لجنة مستقلة لإدارة القطاع مؤقتاً، ورفض من قبل السلطة الفلسطينية لأي فصل سياسي بين الضفة وغزة، لتفويت الفرصة على نتنياهو وحكومته من تجذير الانفصال وإنهاء أي إمكانية لدولة فلسطينية موحدة مستقبلاً، لذلك – على الجهة المقابلة- يرفض نتنياهو بصورة قاطعة عودة السلطة إلى القطاع، لأنّ مثل هذا السيناريو يتنافض مع مشروعه اليوم بإنهاء أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية.
لا يخفى على حركة حماس كل هذه المتغيرات الدولية والإقليمية والداخلية، من هنا تدرك قيادة الحركة أنّ مساحة المناورة محدودة، في أيّ صيغة مطروحة للحكم في المرحلة القادمة، لكن كيف ستكون صيغة الحركة وشكلها ودورها؟ وكيف ستضمن ألا يكون هنالك تنكيل بأعضائها وتجفيف لها؟ وكيف يمكن أن تحمي وجودها الاجتماعي والسياسي والثقافي في القطاع؟! هذا هو السؤال الذي أحسب أنّه لا يوجد حتى اللحظة أي اتفاق كامل حتى في أوساط الحركة عليه، بخاصة بين جناح غزة والمكتب السياسي في الدوحة، إذ أظهرت الأعوام الماضية مسافات كبيرة من الاختلاف في التفكير الاستراتيجي بين الطرفين، حتى على صعيد التحالفات الإقليمية.
ومن المؤكّد أنّ الرافعات الإقليمية للحركة لن تبقى وستتجنب الاشتباك مع إدارة ترامب، وبالتالي سيتم التفكير في صيغة جديدة للحركة، هل ستركز على العمل السياسي مع بقاء خيار المقاومة قائماً وهل سيكون هنالك قبول أميركي- إسرائيلي بذلك؟ هل ستقوم بالعمل تحت الأرض في غزة كما هي الحال في الضفة، مع انتقال قادتها ومسؤوليها إلى أماكن أخرى في العالم؟ هذه هي الأسئلة المصيرية المطروحة على قادة الحركة ودوائرها السياسية والفكرية.. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك