البرفيسور حسن البرماوي يكتب : العلاقات الأردنية البلغارية وآفاق التعاون المشترك
يمتاز الأردن بعلاقة قوية ومتينة مع جمهورية بلغاريا الصديقة، وهي علاقة أرسى دعائمها جلالة الملك، كما عززتها الزيارات المتكررة للمسؤولين من كلا الجانبين. فقد زار الأردن خلال العشرين عامًا الماضية ثلاثة رؤساء بلغاريين، إضافة إلى رؤساء وزراء ووزراء خارجية وداخلية ونقل واقتصاد، على رأس وفود اقتصادية وتجارية واستثمارية وأكاديمية وعلمية كبيرة. كما زار عدد من وزراء الخارجية الأردنيين بلغاريا، إلى جانب وفود برلمانية ولجان الصداقة البرلمانية الأردنية والبلغارية، التي لعبت دورًا كبيرًا في دعم السياسة الخارجية للأردن في المحافل الدولية.
ساهمت لجان الصداقة في مجلسي الأعيان والنواب في توطيد هذه العلاقات الثنائية. أما الشعب البلغاري، فهو دائمًا داعم لقضايا الأردن، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. عملت الحكومات البلغارية المتعاقبة، التي تنبثق من البرلمان البلغاري، على فتح آفاق تعاون واسعة، إذ تعتبر الأردن البوابة الأولى لتجارتها مع الشرق الأوسط، نظرًا لما يتمتع به الأردن من مقومات دولة عصرية، وحكم رشيد، وأمن وأمان. هذا التقييم الإيجابي للأردن ملكًا وحكومةً وشعبًا يعكس مدى الاحترام والتقدير الذي يحظى به.
وفي المجال الاقتصادي، لا يمكن إغفال تصدير مادة الفوسفات عالي الجودة إلى بلغاريا، مع وجود خطط مستقبلية لتصدير البوتاس قريبًا. ومن الضروري تعزيز التجارة البرية وفتح أسواق الخضار والفواكه مع بلغاريا، باعتبارها أولى دول الاتحاد الأوروبي التي استوردت المنتجات الأردنية، حيث صدّر الأردن لهذه الأسواق، عبر سوريا وتركيا، بمئات الملايين من الدنانير قبل الربيع العربي والحرب السورية.
قدمت بلغاريا دعمًا ماليًا لشراء مواد غذائية لغزة عبر الهيئة الخيرية الهاشمية. ونأمل قريبًا زيارة ملكية إلى جمهورية بلغاريا لتعزيز التعاون المشترك. أما على المستوى الأمني والعسكري، فهناك تعاون مستمر بين البلدين من خلال زيارات الوفود والمشاركة في المعارض العسكرية مثل «سوفكس» في الأردن و»خيموس» في بلغاريا.
على الصعيد الديني والثقافي، كان هناك تعاون ملحوظ، حيث زار الأردن سماحة مفتي جمهورية بلغاريا الدكتور مصطفى حجي، خريج جامعة اليرموك، الذي التقى برئيس الوزراء والديوان الملكي، وكان داعمًا رئيسيًا للعلاقات بين البلدين.
تشرفت بلقاء عدد من الشخصيات البلغارية البارزة، ومنهم ثلاثة رؤساء جمهورية ووزراء خارجية، بالإضافة إلى مسؤولين رفيعي المستوى، وجميعهم أعربوا عن احترامهم وتقديرهم للأردن قيادةً وشعبًا.
في السياق السياسي، شهدت بلغاريا قبل يومين تشكيل حكومة جديدة بعد ثلاث سنوات من حكومات تسيير الأعمال، إثر توافق الأحزاب في البرلمان. ونبارك لبلغاريا انضمامها كدولة كاملة العضوية في منطقة الشنغن.
فيما يتعلق بالسياحة، توجد اتفاقيات لدعم هذا القطاع بين البلدين، ونتطلع إلى فتح خط طيران منخفض التكاليف بين الأردن وبلغاريا، ما سيسهم في جذب السياح البلغار الذين يحبون الأردن وجهةً سياحية مميزة بمواقعها العالمية، مثل البترا والعقبة ووادي رم وجرش والسلط وعجلون وغيرها.
ختامًا، نأمل أن يشهد الاقتصاد الأردني انتعاشًا بعد انتهاء الحرب في غزة وفتح السوق السوري، ما سيعيد النشاط التجاري عبر سوريا وتركيا إلى بلغاريا ودول البلقان. كما لا ننسى دور الرئيس البلغاري الحالي رومن رادف، الذي أثبت كفاءته القيادية ونجح في إدخال بلغاريا إلى منطقة الشنغن.
ننتظر قريبًا زيارة رئيس لجنة الصداقة الأردنية البلغارية إلى البرلمان البلغاري، على رأس وفد برلماني، لمواصلة تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.
*الخبير في الشؤون البلغارية ودول البلقان. ــ الدستور