الأخبار

اسماعيل الشريف يكتب : لا مكان آمن

اسماعيل الشريف يكتب : لا مكان آمن
أخبارنا :  

لا كهرباء، لا ماء، لا وقود، كل شيء سيكون مغلقا، إنهم حيوانات بشرية سيتم التعامل معهم وفقاً لذلك- غالانت.

اطلعتُ على دراسة بعنوان «لا مكان ولا أحد آمن: تحليل جغرافي للأضرار التي لحقت بالبنية التحتية المدنية الحيوية في قطاع غزة خلال المرحلة الأولى من الحملة العسكرية الإسرائيلية»، والتي نُشرت في مجلة الصراع والصحة Conflict and Health تُعنى المجلة بنشر أبحاث تتناول التداعيات الصحية للنزاعات وانتهاكات القانون الدولي الإنساني. تخضع المجلة لمراجعة علمية دقيقة من قبل خبراء متخصصين (لجنة تحكيم) قبل نشر الأبحاث، وذلك لضمان الجودة والدقة والأصالة العلمية وفقًا لمعايير أكاديمية صارمة.

تُثبت هذه الدراسة، بما لا يدع مجالًا للشك، أن استهداف الصهاينة للمستشفيات والبنية التحتية المدنية في غزة لم يكن عشوائيًا، بل كان ممنهجًا ومحسوبًا بدقة منذ اليوم الأول لحرب الإبادة.

تم استخدام صور عالية الدقة والجودة وخرائط لتحديد المواقع في الدراسة بهدف تقييم الأضرار، كما استعان العلماء بالتحليل المكاني لتقييم حجم الأضرار التي لحقت بالمرافق الصحية والتعليمية ومنشآت المياه خلال فترة الدراسة.

تُغطي هذه الدراسة الأيام الأولى للحرب، في الفترة الممتدة من السابع من تشرين الأول 2023 وحتى الثاني والعشرين من تشرين الثاني من العام نفسه.

تُشير الدراسة إلى أن قوات الاحتلال شنّت أكثر من 12,000 هجوم، مستخدمةً 25 ألف طن من الذخائر الحارقة، ما أسفر عن تدمير 60.8% من المنشآت الصحية، بينها 35.1% تدميرًا كاملًا. كما بلغت الأضرار في المنشآت التعليمية 68.2%، منها 40.2% دُمِّرت بالكامل. أما مرافق المياه، فقد تعرضت 42.1% منها للضرر، مع تدمير 36.8% بشكل كامل.

كان الضرر الأكبر متركزًا في شمال القطاع، حيث أمر الصهاينة منذ بداية الحرب سكانه بالتوجه نحو الجنوب، فيما تم تدمير جميع المنشآت على طول شارع صلاح الدين، وهو الشريان الأهم داخل القطاع الذي يربط شماله بجنوبه، وسط تصريحات الصهاينة بان ما يجري هو نكبة جديدة للفلسطينيين.

يؤكد الدكتور راز سيجال المشارك في الدراسة: أن الصهاينة استهدفوا المناطق التي حُددت على أنها آمنة، وتزامن ذلك مع تصريحات قادتهم بأنهم ينفذون نكبة جديدة بحق الفلسطينيين، مما يُعزز مصداقية حكم محكمة العدل الدولية الذي أكد أن الصهاينة يرتكبون إبادة جماعية في غزة.

فإذا كان هذا الدمار الهائل قد وقع خلال الأيام الاولى من الإبادة، فإن الأرقام الآن قد تضاعفت كثيرًا. فوفقًا لتقرير مشترك صدر في الثاني من نيسان عن البنك الدولي، بدعم من الاتحاد الأوروبي، قُدِّرت الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية في القطاع بنحو 18.5 مليار دولار، وهو ما يعادل 97% من الناتج المحلي الإجمالي للضفة الغربية وقطاع غزة معًا.

بقية مقال اسماعيل الشريف

لا مكان آمن

تُشير الدراسة إلى أن الأضرار التي لحقت بالمباني السكنية بلغت 72%، فيما أصبح أكثر من نصف سكان غزة على حافة المجاعة، ويعاني جميع السكان من انعدام الأمن الغذائي الحاد وسوء التغذية. بالإضافة إلى ذلك، هناك أكثر من نصف مليون شخص بلا مأوى، فيما تعرض 75% من سكان القطاع للتهجير القسري.

فيما يتعلق بالمرافق الصحية، تعرض 84% من المستشفيات والمنشآت الصحية للتدمير أو الضرر. وبسبب نقص الكهرباء والمياه، لا يحصل السكان على الحد الأدنى من الرعاية الصحية أو الأدوية أو العلاجات.

كما أن نظام المياه والصرف الصحي تعرض لانهيار شبه كامل، ولم يعد يوفر سوى أقل من 5% من خدماته السابقة، مما أجبر السكان على الاعتماد على حصص مياه شحيحة للغاية للبقاء على قيد الحياة. أما نظام التعليم، فقد انهار تمامًا، حيث أصبح 100% من الأطفال خارج المدارس.

ومع استمرار الإبادة، تفاقمت الأضرار بشكل كبير. وبينما تؤكد هذه الدراسات، بالأدلة العلمية والتحليل الدقيق، حجم الإبادة الجارية في غزة، فإن المشاهد اليومية التي تعرضها الأخبار من دمار هائل ومجازر وصراخ الأطفال تحت الأنقاض لا تحتاج إلى دراسات لإثباتها. فما يجري في غزة واضح وضوح الشمس: تطهير عرقي وإبادة جماعية تتحدى كل الأعراف الإنسانية والقوانين الدولية.

ومع ذلك، تظل هذه الدراسات مهمة، لأنها توثق ما هو مؤكد، وتُقدِّم أدلة دامغة أمام العالم، وخاصة الجهات القضائية، يمكن استخدامها لمحاسبة الكيان على جرائمه.

أنا على يقين بأن ما يرتكبه الكيان وتوثيقه بشكل دقيق سيكون له آثار مدمرة عليه، وسيشهد التاريخ أن طوفان الأقصى كان الشرارة التي أدت إلى كنس الاحتلال وزواله.

وللمزيد من الإطلاع، أُرفقت أسفل المقالة روابط الدراسات المختصرة.ــ الدستور

https://tinyurl.com/4j2sp2hr

https://tinyurl.com/24e8pez2

مواضيع قد تهمك