عصام قضماني : الفوضى الإلكترونية
يكفي ان يكتب احدهم «بوست» بكلمات ركيكة واخطاء املائية في كل حرف ويدفع به على مواقع التواصل لتشويه صورة شخص او مؤسسة او شركة او وزير او وزارة او نائب في أسوأ صورة للفوضى الالكترونية.
ليس هذا الاسوأ بل ان ما هو أكثر سوءاً هو الحملات المنظمة التي يقف خلفها مجموعات وممولون للنيل من منافسين.
والاسوأ من كل هذا هو تلك البوستات مدفوعة الأجر التي يتاجر بها بعض من يطلق على نفسه «مؤثر» وبدلا من ان يشيع ثقافة الاخلاق وصيانة المجتمع وحماية سمعة الناس والمؤسسات يمارس الهدم والتشويه بابشع صوره عندما يتبع المراهقون خطاهم لنسمع بعدها قرقعة التصفيق الالكتروني باعتبارهم نجوماً.
سيقول قائل إنني هنا أقف ضد الحريات ومع القمع, لكن أقول أين هي الحريات في الشتم والتزييف والإساءة والفتنة وما الى ذلك من هذا الدفق غير المحدود من السم الذي أحال مجتمعنا الى بيئة من الكراهية واغتيال أعراض الناس وشخوصهم وعائلاتهم وذممهم ومؤسساتهم.
قانون الجرائم الالكترونية ليس قانون تجريم لا كاتب هذا المقال يطالب بتشديده ولا يكفي ان ينتظر النائب العام ان يتلقى شكوى، لا يتعين ان تكون هناك دائرة خاصة تتابع وتراقب وتتحرك باسم الحق العام..
هناك مواقع تواصل اجتماعي فيها حسابات وهمية وأسماء مستعارة، يجري استغلالها بلا رقيب ولا حسيب ويكفي أن تبث إشاعة واحدة يلوكها الشارع فتصبح من الحقائق وهات قطبها، لكن الأسوأ هو بث سموم الفتنة بين الناس ونشر الأخبار والأكاذيب، بمنشورات تدعو للفتنة من قبل مجهولين.
لا تقتصر الجرائم على تجاوزات حدود الرأي والتعبير بل الذم والقدح والدخول غير المصرح واستخدام البيانات وجرائم استغلال القاصر أو الاباحية الجنسية واستغلال الأطفال وغيرها.. من يقف ضد تجريم هذا كله؟
المشكلة في تعريف خطاب الكراهية الوارد في مشروع القانون، حسنا هاتوا تعريفا بديلا, لكن على أن لا يغير من تجريم خطاب الكراهية.
لنعترف بأن الأخبار الكاذبة والإشاعات تطال كل شيء. بلا احترام ولا ذوق ولا خطوط حمراء ولا صفراء ولا حتى خضراء.. نقد وتجريح وافتراء، حض على العنف والتحريض على الكراهية تلفيق وافتراء وشتائم وكلام معيب.
شبكات التواصل الاجتماعي في حالة فوضى تحررت من كل الضوابط الأخلاقية في حسابات بأسماء وهمية ومستعارة للتعبير عن أفكار يخجلون منها في العلن.
هل ما يتشدق به المنظرون من أن حريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين مجرد شعار أجوف يستخدم لخدمة مصلحة؟
النقد البناء، مطلوب وضرورة لكن المصداقية والاحترام وأمن المجتمع ضرورة أكبر.
الحسابات الوهمية والصفحات المسيئة مصائد ومن يطالب بعدم تجريم هذا كله إنما يريد قوننة القدح والذم، وإطالة اللسان وخطاب الكراهية وإثارة النعرات.
كيف سيطرت دول على هذه الفوضى؟.. نعم من أَمِن العقوبة أساء الأدب!
qadmaniisam@yahoo.com