د محمد العزة يكتب : الزرقاء فسيفساء الهوية الوطنية الأردنية
منذ عهد تأسيس الدولة الاردنية ومراحل تطورها السياسية والاقتصادية والاجتماعية شكلت الزرقاء علامة فارقة في تشكيل الهوية الوطنية الاردنية لنموذج فسيفساء المجتمع الاردني وتكوينه وتلاوينه، اسمها من سمائها الزرقاء واناسها لديهم مناعة مكتسبة مصدرها ماء سيلها، من روى ويروي مزارعها وللمستهلك مباشرة، جهاز تنفسهم ممتاز عاشق روائح البنزين والكاز والغاز، لديهم القدرة على الترويح عن انفسهم في المناطق الضيقة، خبراء اللكنة واللهجة الأردنية وفسيفساء الوطن الاردني العشائري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي، يمتلكوا جي بي اس يدوي ويعرفوا محافظات المملكة عكس المحافظات الأخرى، الزرقاء الغربية فيها أقل حظا من الشرقية عكس العاصمة لكن كلهم حال واحد.
اهلا بكم في الزرقاء مدينة العمال والفقراء والعسكر والعمال والمتقاعدين والكادحين والمثقفين والمعلمين والطلاب والحضر والبدو والفلاحين، اهلا بكم في الزرقاء نموذج العمل السياسي الاردني وقلبه، الأمر الذي جعلها حاضرة في كل الحسابات وعلى كل الاصعدة والمستويات الحكومية والحزبية والنقابية والعشائرية ولعلها اي الزرقاء ترجمة فعلية لمصطلح الهوية الاردنية الوطنية الجامعة قبل ان تطرحها نقاشات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية.
الزرقاء مدينة ساحتها السياسية لا تهدأ ولا تقبل الفراغ السياسي فيها والاجتماعي ومكوناته، التوازنات العشائرية حاضرة (التي شكلت متطلب نواة العمل المؤسسي في مرحلة غياب العمل الحزبي كمصدر لكوادر المسؤولين عن إدارة الدولة من مختلف أطراف الطيف السياسي) والذي لا نقلل من دورها في التضامن والتكافل والسلم المجتمعي والإصلاح ذات البين كمحور موازي لمؤسسات الدولة المعنية بالشأن الاجتماعي، وإن حضرت الحزبية والتي أصبحت واقعا لقانون صدر بتوجيهات ملكية وأخرجه لجنة ملكية لتحديث المنظومة السياسية تجد نشاط النقابات العمالية والمهنية ويحضر اليمين والوسط واليسار والتيار الديمقراطي التقدمي السياسي كل وجمهوره وقاعدته الشعبية وكيف لا والزرقاء تشكل مركزا للطبقة الوسطى والفقيرة والتي توحدت تقريبا كلها هذه الأيام حول مواقع الطبقة ذات الأغلبية الفقيرة ولعل السبب في ذلك غياب الرؤية الحكومية البرامجية والحزبية معا، وهنا غابت خطط التنمية ومشاريع النهضة والبنية التحتية عن الزرقاء.
من هنا فأنه يقع على عاتقنا تفعيل فكر الديمقراطية الاجتماعية الأردنية ومفاهيمها من حريه وعدالة اجتماعية وصولا للرفاه الاجتماعي لجميع أبناء الوطن الواحد، وأن يبدأ طرح مشروع سياسي ينبثق عنه من برامج اقتصادية واجتماعية واقعية قابلة للتنفيذ وفق جدول زمني ومرحلي وبما هو متاح من موارد محلية طبيعية وبشرية، ترفع من مستوى هذه المحافظة المعيشية التي ترزح تحت وطأة التكرار والفرار من وجه تشخيص الاشكال والحل وقبول ثقافة وسنة الاحلال لمن لا يملك رغبة فك يديه من أغلال الرتابة والمحسوبية والسلبية.
الزرقاء فيها من الخبرات والكفاءات نشامى يعشقون الورد لكن يعشقون الوطن أكثر، القادرة لإيصال هذه الأفكار والبرامج والتفاعل والتعامل مع قواعدها الشعبية وإقناعها بأن الحل الامثل لخفض معدلات فقرها وعجزها وبطالة أبنائها ومواجهة التحديات والاوضاع الصعبة الراهنة التي يمر بها الوطن يكون عبر الاخلاص والجدية والمصداقية في إنجاز مشروع وطني متكامل الأركان على مستوى المحافظة اقتصادي، ثقافي، سياسي يكون بوابة التغير في قادم الأيام ويمثله مسار التحديث الديمقراطي الذي سيعيد للمعادلة السياسية توازنها والمشهد الحزبي البرامجي تصدره وخاصة في الزرقاء التي اشتاقت له وأشتاق لها، لأنها الزرقاء قلب الأردن الوطني السياسي النابض.