الأخبار

رمزي الغزوي : يناير الأمازيغي

رمزي الغزوي : يناير الأمازيغي
أخبارنا :  

يمثل يناير، رأس السنة الأمازيغية، احتفالًا فريدًا في ثقافة شمال إفريقيا. فهذه المناسبة التي احتفل بها يوم أمس تعود جذورها إلى آلاف السنين لتأكد العلاقة العميقة والمتينة بين الإنسان والطبيعة، وتجدد الهوية الأمازيغية الصامدة عبر تقلبات التاريخ.

ينطلق ذلك التقويم من العام 950 قبل الميلاد، أي عندما صعد الملك الأمازيغي شيشنق الأول إلى عرش مصر، وهذا وإن كان يمثل رمزًا للفخر والقوة في نظرهم، إلا أنه لا يختزل غنى ثقافتهم وتقاليدها. فيناير أقدم من ذلك التاريخ كونه متجذّراً في الطقوس الزراعية المُجسدة لقيم الوفرة والازدهار.

تتنوع الاحتفالات بيناير في طقوسها ومعانيها ومفرداتها، لكنها تشترك في روحها الجماعية والجمعية. في الجزائر والمغرب وليبيا وتونس ومالي ومريتانيا، إذ تتجمع العائلات حول موائد تعمر بالأطعمة التقليدية بما فيها ذلك الطعام الشعبي العابر لتلك البلدان «الكسكس» بالسبع خضراوات، الذي يعكس التعدد والتنوع، وعصيدة السميد التي تمثل البساطة والاحتفاء بالمحاصيل المحلية. ومن تلك الطقوس تقديم الطعام للحيوانات والطيور ايضاً، في إشارة رمزية إلى العيش بتناغم مع مفردات الطبيعة واحترامها.

تكتسي المناسبة طابعًا روحيًا وثقافيًا عميقًا حين تستمد قوتها من أساطير شعبية كثيرة مثل قصة العجوز المتحدية لغضب الشتاء، لتذكر الناس بأهمية الصبر والحذر واحترام قوى الطبيعة. وتلك الأساطير ما زالت تحمل رسائل ملهمة تعزز من القيم الإنسانية كالتعاون، الصمود، والعطاء، وهي جزء لا يتجزأ من ذلك التراث الغني.

بقية مقال رمزي الغزوي

يناير الأمازيغي

في السنوات الأخيرة، اكتسب الاحتفال برأس السنة الأمازيغية زخمًا إضافيًا مع الاعتراف الرسمي به كعطلة وطنية في الجزائر عام 2018 والمغرب عام 2023. وهي خطوة تعكس إدراكًا متزايدًا لأهمية الهوية الأمازيغية في النسيج الوطني والاحتفاء بالتنوع الثقافي الذي يثري المجتمعات وينميها ويعطيها زخما معرفيا وانمائنا لهذا الشعب الذي يستوطن الشمال الافريقي منذ آلاف السنوات.

يناير أكثر من ذكرى سنوية؛ فهو تجسيد لقيم إنسانية عميقة يحتفي بالصمود في وجه تحديات الحياة، وبالعلاقة المتوازنة بين الإنسان والطبيعة. كما يمثل دعوة للتأمل في التاريخ واستلهام الحكمة منه، وبناء مستقبل يكرس التنوع والاحترام المتبادل وتقبل الآخر.

يناير، رأس السنة الأمازيغية، ليس مجرد احتفال عابر، بل هو مناسبة ذات جذور ضاربة في أعماق التاريخ والثقافة الإنسانية. يحتفل الأمازيغ بهذا اليوم منذ آلاف السنين، ليعكس علاقتهم الفريدة مع الأرض والطبيعة التي تشكل أساس حياتهم وثقافتهم.

ــ الدستور

مواضيع قد تهمك