جميل النمري يكتب: لبنان الحقبة الجديدة
بانتخاب رئيسه الجديد يطوي لبنان صفحة من تاريخه ويفتح حقبه جديدة شريكا في عاصفة التغيير التي تأخذ المنطقة بأسرها الى مكان مختلف.
لا يشكل انتخاب جوزيف عون نصرا لطرف على طرف فهو جاء من خارج الترشيحات السابقة لجميع الأطراف.
قائد الجيش حاز على توافق دولي كممثل للوطنية اللبنانية الجامعة وقائدا لمرحلة عنوانها استعادة الدولة لسلطتها على كامل ارض لبنان وفي الجنوب خصوصا حيث يستوجب اتفاق وقف اطلاق النار اخلاء المنطقة من الميليشيات المسلحة ومن قوات الاحتلال الاسرائيلي وحلول الجيش اللبناني مكانهما.
الهزيمة كانت قد تحققت سلفا لمرحلة سابقة طويلة أمسك فيها حزب الله برقبة القرار اللبناني بما في ذلك موقع رئيس الجمهورية الذي شغله الجنرال عون وما كان سيشغله لولا تحالفه وتياره مع حزب الله والنظام السوري مع انه هو نفسه كان ضحية النظام السوري ولجأ الى فرنسا طويلا ولم يتمكن من العودة الا بعد خروج سوريا من لبنان على وقع الانتفاضة اللبنانية التي اعقبت اغتيال رفيق الحريري. وكان ثمة طريق وحيد لتحقيق حلمه الجامح بالعودة لرئاسة الجمهورية وهو ان ينضم لتحالف 8 آذار الذي يقوده حزب الله ويعمل على منع «ثورة الارز» من قطف ?مار التحرر من الهيمنة السورية.
ناور الثنائي الشيعي حتى آخر دقيقة فقط لحفظ ماء الوجه فأمتنعا في اول جولة عن التصويت الذي يحتاج فيه المرشح الى ثلثي الأصوات فيرفع نبيه بري الجلسة ثم تعقد الكتلتان الشيعيتان اجتماعا مع المرشح جوزيف عون لتقررا بعد ذلك التصويت له بما اعطى انطباعا بأنهما فاوضاه وتوصلا الى اتفاق. والحقيقة انهما لم يحصلا على شيء لأن كلمة رئيس الجمهورية مباشرة بعد انتخابه اكدت على بسط سلطة الدولة واحتكار الجيش لحمل السلاح وكرر الجملة مرتين اضافة لتأكيد مسؤولية الدولة عن تحرير اي ارض لبنانية من الاحتلال الاسرائيلي.
قد لا يفتح الرئيس الجديد معركة نزع سلاح حزب الله لكنه بلا جدل سيعمل على تثبيت سلطة الدولة على كل الحدود والمرافق والمعابر والموانئ والمطار والاتصالات. وسينتهي وضع حزب الله كدولة داخل الدولة وسيفقد كل ذريعة لبقاء السلاح بيده وسيحين استحقاق تحوله لحزب سياسي تحت مظلة القانون كبقية القوى اللبنانية.
الرئيس الجديد كان فعلا الخيار الأمثل لإدارة المرحلة الجديدة كشخصية قوية منحازة للدولة فوق كل الأطراف والطوائف ويجسد معاني ثورة الشارع اللبناني في تشرين الثاني 2019 ضد النظام الطائفي وكامل الطبقة السياسية وتم اخمادها من السلطة القائمة لحزب الله والرئيس ميشيل عون.
عانى لبنان بصورة فظيعة وصلت الى انهيار الاقتصاد وافلاس الدولة وسرقة البنك المركزي وضياع مدخرات اللبنانيين واذلالهم في معيشتهم. وتجاهل حزب الله بكل صلف هذا الانهيار وتعطل انتخاب رئيس جمهورية لعامين حتى جاء العدوان على غزة مناسبة ليعيد حزب الله تأهيل نفسه وسلاحه بفتح «جبهة اسناد» من جنوب لبنان كانت نتائجها وبالاعلى الحزب وعلى ايران.
والآن فإن لبنان بدعم اقليمي ودولي سيذهب الى ورشة كبرى لإستعادة الدولة واعادة بناء نفسه وسوف تتغير الخارطة السياسية الداخلية القديمة وسيستعيد الشعب اللبناني كرامته ودوره وسوف يحقق لأول مرة في تاريخه علاقة جديدة متكافئة ومحترمة مع الشقيق السوري في اطار نظام اقليمي جديد قيد التشكل، لكن للتنبيه ليس النظام الذي وعد به نتنياهو بل شيء مختلف له حديث آخر. ــ الراي