د. صلاح العبادي :ماذا ينتظر لبنان بعد انتخاب الرئيس الـ 14؟!
شكّل نجاح لبنان في انتخاب رئيس له بعد 28 شهراً من الفراغ السياسي انتصاراً للدولة، على نفوذ الدويلة، التي كانت معطّلة لمسيرة الدولة اللبنانيّة، خلال سنوات مضت.
انتخاب العماد جوزيف عون جاء في الجولة الثانية من التصويت، بعد أن أدلى نواب من جماعة حزب الله وحليفتها حركة أمل بأصواتهم لصالحه.
منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في تشرين أول من العام 2022، فشل البرلمان اللبناني خلال 12 جلسة في انتخاب رئيس للبنان، في ظل تمسّك حزب الله، أبرز قوة سياسية وعسكرية كانت تسيطر على المشهد السياسي في ذلك الوقت، بمحاولة فرض مرشّحه سليمان فرنجية. إذ كان حزب الله لاعباً مهيمناً في المشهد السياسي اللبناني، بدعم من حركة أمل.
حظي انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية اللبنانية بإجماع عربي وأممي لأول مرة منذ نحو عقدين من الزمن.
فالرئيس عون والذي انتخب لأول مرّة منذ العام 1990، يكون لبنان قد انتخب رئيساً غير مرشّح من النظام السوري المخلوع ولا من حزب الله، فسقط مرشح إيران وحزب الله وبقي مرشح القوات المسلّحة اللبنانية.
انتخاب الرئيس الجديد سيعيد لبنان إلى حضن الدول العربية بقوة، وسيعيد علاقاتها العربية والدوليّة. هو رئيس في عهده الجيش؛ هي المؤسسّة الشرعية الوحيدة. رئيس يضع الرئاسة فوق جميع الاعتبارات ويسعى لبناء دولة عادلة سيادتها القانون، ويوقف هيمنة الحزب على الدولة.
الرئيس اللبناني المنتخب أكد في كلمة له بمناسبة فوزه بالتصويت، أنه «سيعمل على أن يكون حق حمل السلاح مقتصرًا على الدولة»، في إشارة إلى تجريد حزب الله من ترسانته العسكرية، وهو الأمر الذي يتطلع إليه الشعب اللبناني ليعيش بأمن وسلام واستقرار.
نتيجة الانتخابات شكّلت استعادة الدولة والجيش والمؤسسّات في لبنان واسترداد قوتها، وهي خطوة مهمة لبناء عقيدة الدولة، بمعزل عن طوائف وميليشيات كانت تسيطر على مفاصل الدولة. هذهِ أولى خطوات إنهاء الأذرع الإيرانية وميليشياتها بالأراضي اللبنانيّة، التي كانت تعبث بأمنها واستقرارها؛ من أجل تكريس وفرض أجندات خارجية لها حساباتها، على أكتاف الدولة!.
ما أكده الرئيس المنتخب حول حق الدولة في احتكار حمل السلاح؛ هو خطاب قوي يتوّج لمرحلة مقبلة تعزز قوة لبنان وسيادتها، لتكونَ لؤلؤة برّاقة في الشرق الأوسط المزدهر، وهو يشير إلى إنتهاء محور إيران في لبنان ونهاية الدويلة وانتصاراً للدولة.
بانتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون الرئيس الـ 14 للجمهورية اللبنانية أمل وفرحة للشعب اللبناني، وتعاطف شعبي وعربي ودولي مع لبنان بمناسبة عودتها إلى الحضن العربي
ونهاية حقبة من العنتريات والذيول الإيرانية إلى غير رجعة.
مارس حزب الله هيمنة سياسيّة وعسكريّة كبيرة على الداخل اللبناني، وكان المعطل الرئيسي لانتخاب رئيس للبنان لأكثر من عامين، قبل أن يضعف بشكل كبير بعد دخوله في حرب مع إسرائيل.
وبعد انتخاب رئيس للجمهورية، من المتوقع أن يتبعه تشكيل حكومة جديدة، تناط بها مسؤولية إعادة بناء مؤسسات الدولة اللبنانية، وهو ما يعتبر انتصاراً سياسياً للدولة اللبنانية وخروج مشروع الدويلة من الحسابات السياسيّة، الذي استفاد من الفراغ السياسي، للاستقواء على الدولة اللبنانيّة بكافة مكوناتها.
واليوم تقف لبنان أمام جمّلة من التحدّيات التي تقع على عاتق الرئيس اللبناني، والحكومة التي ستشكّل في قادم الأيام، لإعادة الإعمار التي خلفتها الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان والتي كبدتها خسائر فادحة. وكذلك تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي 1701 الصادر في العام 2006 والذي يتضمن نزع السلاح من المجموعات المسلّحة غير الشرعيّة في لبنان والبعيدة عن إطار الدولة، كما أنّ بدايتها تنطلق من نزع السلاح من منطقة جنوب نهر الليطاني.
ويتعين على الحكومة الجديدة دفع عجلة نُمو الاقتصاد اللبناني، وإجراء اصلاحات اقتصادية بصورة عاجلة، بعد نحو سنوات من الانهيار الاقتصادي غير المسبوق، وتدمير البنية التحتيّة في أنحاء مختلفة من البلاد، وكذلك تضرر قطاع السياحة الذي تراجع بشكل كبير لأبعاد أمنيّة، وتضرر القطاع الزراعي، وتراجع النمو الاقتصادي بشكل ملحوظ.
الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان أدّت إلى إلحاق أضرارٍ أمتدّت لنحو 100 ألف وحدة سكنيّة، سواء دمار كُلي أو جزئي، عدا عن
خسائر مادية واقتصادية تجاوزت نحو 8.5 مليار دولار، حسب تقديرات البنك الدولي، وخسائر اقتصادية غير مباشرة.
ــ الراي