د. سمير صابر بينو : التحول الرقمي في مجال الأمن: خطوة نحو المستقبل
أصبح الذكاء الاصطناعي واقعاً يتطور باستمرار، مما يجعل التحول الرقمي ضرورة متزايدة لتعزيز تفاعل الشركات والمؤسسات مع التكنولوجيا. يتمحور هذا التحول حول توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة والفاعلية والإنتاجية، لا شك أن التحول الرقمي يفيد مختلف المؤسسات، ولكنه قد يخدم بعض المؤسسات بشكل خاص، فالأجهزة الأمنية والشرطية قد تكون أكثر احتياجاً لهذا التحول نظراً لحجم مسؤولياتها وتنوع واجباتها وزيادة التحديات التي تواجهها.
ففي ظل التطورات التكنولوجية السريعة التي يشهدها العالم، أصبح من الضروري أن تتبنى الأجهزة الامنية أساليب عمل رقمية تتماشى مع هذه التغيرات. إن هذا التحول الرقمي يمكّنها من مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة، مثل الجرائم الإلكترونية، والتهديدات الجديدة التي تطرأ على المجتمعات. فالتحول الرقمي يتيح للأجهزة الأمنية والشرطية تحسين كفاءتها وفعاليتها في تقديم الخدمات الأمنية. التحول الرقمي في المجال الأمني يشمل دمج التقنيات المتقدمة والأساليب المعتمدة على البيانات في عمليات تنفيذ القانون. يستفيد هذا التحول من الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات الضخمة، والحوسبة السحابية لتعزيز عملية اتخاذ القرارات وزيادة كفاءة العمليات بشكل كبير.
من خلال استخدام أدوات مدعومة بهذه التقنيات، تستطيع الأجهزة الشرطية تحليل كميات كبيرة من البيانات من مصادر مختلفة مما يمكّنها من تحديد الاتجاهات وتوقع الجرائم قبل حدوثها واتخاذ قرارات استراتيجية مبنية على معلومات دقيقة وموثوقة. هذا النهج الاستباقي يمكن الاجهزة الشرطية من تحديد وتوقع أنماط الجريمة بدقة أكبر، مما يسمح بتوزيع واستغلال إمكاناتها بشكل فعال في المناطق عالية الخطورة ويزيد أيضا من قدرة الشرطة على الاستجابة بسرعة وفعالية للتهديدات الجديدة، وبالتالي تحسين جهود الوقاية من الجريمة بشكل عام.
بالإضافة إلى ذلك، إن تعزيز أدوات الاتصال والتعاون يعزز التنسيق بشكل أفضل داخل الإدارات الشرطية وعبر الأجهزة الأمنية المختلفة. منصات الاتصال الموحدة وقواعد البيانات المشتركة تعمل على تعزيز نهج أكثر تماسكاً وتوحيداً للسلامة العامة، وتمكيناً لتبادل المعلومات في الوقت الفعلي. يعد هذا الترابط أمراً بالغ الأهمية لمعالجة الأنشطة الإجرامية المعقدة وضمان استجابة منسقة.
لا يقتصر التحول الرقمي على العمليات الداخلية فقط، بل يمتد ليشمل تحسين المشاركة المجتمعية. يتم ذلك عن طريق استخدام المنصات عبر الإنترنت وقنوات الاتصال الرقمية التي تعزز الشفافية والمساءلة من خلال تزويد المواطنين بمعلومات يمكن الوصول إليها حول أنشطة ومبادرات تنفيذ القانون. يساعد إشراك المجتمع عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات المحمولة والمواقع الإلكترونية التفاعلية في بناء الثقة وتعزيز العلاقة التعاونية بين الشرطة والجمهور الذي تخدمه.
علاوة على ذلك، تعمل أتمتة المهام الإدارية الروتينية، مثل إنشاء التقارير وإدخال البيانات، على تقليل العبء الإداري على المسؤولين، مما يسمح لهم بالتركيز بشكل أكبر على العمليات الرئيسية من تخطيط استباقي واستجابة مدروسة، ومراقبة الأداء المؤسسي بشكل لحظي وهذا يعزز الإنتاجية والفعالية بشكل عام، ويدعم أساليب التدريب المبتكرة مثل محاكاة الواقع الافتراضي ووحدات التعلم الإلكتروني والتطوير المهني المستمر للضباط، مما يضمن استعدادهم الجيد للتعامل مع التحديات المتطورة التي تواجه الشرطة الحديثة.
مع انتقال الأنشطة الإجرامية بشكل متزايد إلى المنصات الرقمية، أصبحت تدابير الأمن السيبراني القوية ضرورية لحماية البيانات الأمنية الحساسة وخصوصية المواطنين. يساعد تعزيز البنية الأساسية للأمن السيبراني في الحماية من التهديدات السيبرانية وضمان سلامة الأدلة الرقمية. إن معالجة الاعتبارات الأخلاقية، مثل حماية الخصوصية والتخفيف من «التحيز الخوارزمي»، أمر بالغ الأهمية لتطبيق التكنولوجيا بمسؤولية. يساعد ضمان استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات بشكل أخلاقي في الحفاظ على ثقة الجمهور وتعزيز ممارسات الشرطة العادلة وغير المتحيزة.
في ظل التطورات التكنولوجية السريعة والتحديات الأمنية المتزايدة، يُعد التحول الرقمي ضرورة حتمية للأجهزة الأمنية الشرطية وخاصة في عصر تتزايد فيه الجرائم الإلكترونية والتهديدات المعقدة. وضع وتنفيذ استراتيجيات التحول الرقمي، يعزز تحقيق أمن مجتمعي استباقي ومتكامل ومستدام. ــ الدستور