ابراهيم عبد المجيد القيسي : تحرير سجناء أم تسليم سوريا لإسرائيل
كل المنطق عند العرب؛ انقلب، وهذه واحدة من نتائج فقدان الحرية الذي مورس لعقود على بعض الشعوب العربية، فأصبحوا لا يستطيعون لا التمييز ولا التعبير بشكل سليم عن أنفسهم، ومصائبهم، فلا عهد لهم ولا خبرة، لا بسياسة ولا بحوار مفهوم، وهذا ما يجري اليوم في سوريا.
لا نجيد التحدث بكلام ملتوٍ، والحقيقة بالنسبة للناس الطبيعيين أكثر سطوعا من الشمس، فتخريب سوريا هدف قديم بالنسب لأعداء العرب، والطامعين بثرواتهم وأراضيهم، كما كانت أهدافهم التي سبق وحققوها في العراق وليبيا وتونس واليمن، ولا ننسى بالطبع أساس النزاع والأطماع، وهو الذبيحة فلسطين، وما زالت هناك أهداف كبيرة على قائمتهم، من بينها نحن في الأردن، ومصر والسعودية والمغرب والجزائر، ولم تكن إيران هدفا بتلك الأهمية بالنسبة لهم، فالعرب وأرضهم ومواردهم هي الحلم، الذي بدأ يصبح حقيقة، نقول هذا ونحن نرى البقرة السمينة الكبيرة (سوريا) مسجاة على مذبح الجزار، وبدأت سكاكينه باستلال الروح منها.
سوريا، الاسم الذي بقي حتى أمس يحمل اسم ورمزية الشام، شعبا وتاريخا، وحانت فرصة قتل سوريا، وهي فرصة استثنائية نجمت عن حرب الإبادة الصريحة التي مضى على انطلاقها أكثر من عام، انتهت بالنسبة لسوريا ان يتم عقرها كبقرة كبيرة سمينة..
تحرير سوريا من قبضة حكم «ديكتاتوري» ومع الاحتفاظ بفارق التشبيه، يشبه التخلص من حكم ديكتاتوري جرى في العراق، وفي ليبيا، ونتائجه أمام الجميع، كما هي منجزات حريته وديمقراطيته ودساتيره وقوانينه، فتحرير الشام وتخليصها من نظام الأسد، اتخذ موضوعا ورمزية غاية في القزمة، والإشارات السياسية الضحلة، فأصبح تحرير معتقلين ومساجين، بينما لا منظمة تحرير الشام، ولا الشعب السوري المنهك، ولا السياسيون، ولا النخب الراقصة رقصة الذبائح في المذبح، تشاهد او تفكر بسوريا، التي تم تدمير قوتها من قبل الشركة الارهابية الأمريكية «اسرائيل»، واحتلال جنوبها، واعلانها الاستمرار في التمدد والتوسع على اراضيها.. كل هذا لا يشاهده السوريون!
في خضم هذه الفانتازيا الذميمة الممسوخة، ولا عربي نبس ببنت شفة، سوى الأردن العظيم، الذي حذر من أن اعتداء اسرائيل على سوريا واحتلال أراضيها عمل يجرمه القانون الدولي، بينما لم نسمع هذه اللغة في هذا الوقت من أية جهة، فهل نعتبرهم موافقين على احتلال سوريا من قبل اسرائيل.
دوما مواقفنا في الأردن (قيادة وشعبا وجيشا) طاهرة، نقية، قومية، شجاعة، ولا نصلح معها ان نكون في صف الراقصين على ضياع اراضي ومقدرات العرب.. فالله سبحانه، اكرمنا ولن نقول ابتلانا بهذه الأخلاق والمبادىء، رغم علمنا بأننا ندفع وسندفع ضريبتها .. لكنها مصالحنا الوطنية والقومية، ولن نبالي لا بخسائر ولا بضياع الفرص في سوق السياسة، لأننا أطهر وأشجع وأصدق وأنقى من غيرنا.
فارقصوا ما شئتم على ضياع سوريا، أما نحن في الاردن، فلا يمكن لأحد ان يزايد ولا يناقص على نقاء مواقفنا. ــ الدستور