محمد خروب : حكومة نتنياهو إذ «تنتقِم» من.. صحيفة «هآرتس»
في ظل الأزمة المُتدحرجة التي تعصِف بمجرم الحرب الفاشي نتنياهو, وحال انعدام الثقة والشكوك المُتبادلة بينه وبين القيادات العسكرية والأمنية في الدولة العنصرية, وما بات في شبه اليقين ان يقومَ/نتنياهو بإقالة مدير جهاز المخابرات الداخلية/ الشاباك.. الجنرال/رونين بار, الذي يتهمهم نتنياهو, بأنهم (النيابة العامة و«الشاباك» يريدون القضاء «عليه» لمساعدة حماس وحزب الله, والأعداء والأشرار الذين هبّوا للقضاء علينا), إضافة بالطبع بل خصوصاً المستشارة القضائية للحكومة/ غالي بهاراف ميارا, التي لم تتجاوب مع معظم طلباته الرامية التهرّب من تشكيل لجنة تحقيق «رسمية», لكشف التقصير في ملحمة (طوفان الأقصى). 7 أكتوبر/2023 وملفات أخرى تتعلق بتهرّبه (نتنياهو) من الإدلاء بشهادته في ملفات الفساد, ولاحقا في التذرّع بعدم قدرته على «الظهور في أماكن عامة», بعد صدور مذكرة الاعتقال بحقه من قبل المحكمة الجنائية الدولية. دون إهمال عرقلته لأي اتفاق و تبادل للأسرى مع حركة حماس, وخاصة نسف الجهود التي يقوم بها «الوسيط» الأميركي والجندي السابق في جيش العدو, الذي «حاربَ» في صفوفه على الجبهة اللبنانية سابقا..عاموس هوكشتاين, ما لم يتم وضع لبنان تحت «الوصاية» الصهيوأميركية, اي منحه حرية العربدة في الأجواء والأراضي اللبنانية.
نقول: في خضم مشهد مُعقد ومأزوم كهذا تبرز عُدوانية بل و«ديكتاتورية» نتنياهو, على نحو غير مسبوق في تاريخ الدولة الاستعمارية الصهيونية, التي يرتهِن فيها «شخص واحد» (بدعم من ائتلاف نازيّ/حريديّ), مجمل جدول أعمال هذا الكيان العنصري لمصالحه الشخصية, المُتماهية مع ايديولوجيّته الفاشية الإحلالية الاستيطانية. على نحو تبدّى ــ من بين أمور وملفات وقضايا أخرى ــ في موافقة حكومة نتنياهو بـ«الإجماع» على اقتراح بمقاطعة صحيفة «هآرتس» العبرية, وعدم اتصال «جميع الهيئات الحكومية» بها, بأي شكل من الأشكال. عِلما ان المقترح جاء من الوزير الكاهاني/شلومو كرعي, العضو في حزب «العظمة اليهودية» برئاسة وزير الأمن القومي الفاشي/إيتمار بن غفير (وبموافقة حماسية من نتنياهو, رغم انه لم يكن مُدرجاً على جدول أعمال الجلسة الأسبوعية للحكومة), حيث تمّ الطلب من «جميع الهيئات الحكومية أو تلك المُموَلة من ميزانيتها»، عدم «الاتصال» بصحيفة «هآرتس بأي شكل من الأشكال, وعدم (نشر أي منشور فيها).
ناهيك عن ما انطوى عليه واستبطنه اقتراح «شلومو كِرعى» هذا, الذي جاء في «تبريره»: أنه «لا ينبغي السماح بواقع يدعو فيه ناشر صحيفة (رسمية)... و(هي للتوضيح ليست رسمية بل «ملكية خاصة» م.خ) في دولة إسرائيل, إلى فرض عقوبات عليها، ويدعم أعداء الدولة في خضم حرب تخوضها ويتم تمويلها منها، بينما تنتهك «الهيئات الدولية» شرعية دولة إسرائيل وحقها في الدفاع عن النفس، وتفرض فعليًّا عقوبات عليها وعلى قادتها».
يبقى السؤال ما الذي «قارفته» صحيفة «هآرتس», كي تتم معاقبتها على هذا النحو؟.
اعتماداً على ما قالته القناة العِبرية «14» وهي بالمناسبة قناة «تجارية خاصة» بملكية «مُستوطنين» في الضفة الغربية المحتلة, تُوجّه بثها للجمهور اليهودي الصهيوني المُتطرِف في الكيان العنصري وفي الخارج. إذ قالت/ القناة 14: إن القرار جاء بعد نشر «العديد من المقالات» التي أضرّت بشرعية دولة إسرائيل في العالم وحقّها في الدفاع عن النفس، وبشكل خاص ــ أضافت القناة/14 ــ في ضوء التصريحات الأخيرة لناشر صحيفة «هآرتس» عاموس شوكين, الذي عبّر في مؤتمر الصحيفة في لندن, عن «دعم الإرهاب والدعوة إلى فرض عقوبات على الحكومة» وفق القناة ذاتها, مُستطرِدة ان شوكين قال: إن الفلسطينيين «هم مُقاتلون من أجل الحرية», وإنه «ينبغي فرض عقوبات على رئيس الوزراء/ نتنياهو والوزيرين سموتريتش وبن غفير»، مُردفا/ شوكين: أن «حكومة نتنياهو تُمارس نظام فصل عنصري وحشي على السكان الفلسطينيين».
فهل ثمة «شيء» ناقص في رواية القناة/ 14 الصهيونية؟, أم ان ما روته القناة العنصرية تجاهلَ موقف عاموس شوكين «الأخير», بعد أقواله «المثيرة وغير المسبوقة هذه»؟, علما ان «هآرتس» تحسِب نفسها على معسكر اليسار الصهيوني, الضعيف والمُتراجع بل الفاقد وجوده وانحسار تأثيره على الساحة الصهيونية, التي تكتسِحها تيارات اليمين الفاشي العنصري الإستيطاني الإحلالي؟.
من المفيد التذكير بان عاموس شوكين وبعد الضجة التي أثارتها تصريحاته, داخل الكيان الصهيوني وخارجه, «تراجَع» عن «بعض» ما جاء فيها قائلاً: (يجب ان يُقال عن «حماس» ليسوا مُقاتلين من أجل الحرية). لكن الأكثر إثارة في الهِستيريا التي استبدت بأركان الائتلاف الفاشي الذي يقوده مجرم الحرب/نتنياهو, هو مُسارعة «دُميتِه» وزير العدل العنصري/يريف ليفين (صاحب مشروع «تعديل الجهاز القضائي»), الذي كادَ يُطيح حكومة نتنياهو, لولا «ملحمة طوفان الأقصى», سارعَ ليفين للطلب من المستشارة القضائية للحكومة, إرسال «مُسوّدة» القانون, الذي بموجبه, يُشكِّل تشجيع «العقوبات» على اسرائيل, «جريمة» يُعاقَبُ عليها بالسجن لمدة عشر سنوات. ــ الراي
kharroub@jpf.com.jo