الأخبار

ابراهيم عبد المجيد القيسي : هل يشهد القطاع الزراعي تقدماً؟!

ابراهيم عبد المجيد القيسي : هل يشهد القطاع الزراعي تقدماً؟!
أخبارنا :  

هذا سؤال لا يستحق إجابة سريعة، لأنه يتعلق بجهد دولة، ما زالت مستمرة، تبحث عن خياراتها الأنسب للتحديث والتطوير، وتحقيق غايات تنموية مستدامة، فالإجابة يجب أن تنطوي على نظرة موضوعية، لا تخضع لفنون التضليل والتلميع، وقلت التلميع لأنني ربما أتناول جانبا من الشخصنة في محاولة الإجابة عن هذا السؤال.
أستطيع القول مطمئنا واثقا، بأن الدولة الأردنية وفي السنوات الأخيرة، حققت تقدما كبيرا في دعم وقل عقلنة الأداء في القطاع الزراعي، بسبب المثابرة على التجديد والتغيير، الذي يطال ثقافة بالدرجة الأولى، كانت تبدو حقيقية قبل جهود الدولة، وكانت الحكومات تسعى للتعامل معها كما هي، لكن التفوق كان متعلقا بالأشخاص، وأعني الفريق الحكومي والفريق الذي يعمل على ملفات هذا القطاع، المتشابكة الكثيرة، والمتقاطعة مع أكثر من مجال وقطاع آخر..
جهود وزير الزراعة، وكل المسؤولين في مؤسسات أخرى ولهم قرار ما متعلق بملف أو أكثر تابع للقطاع الزراعي، بالإضافة بالطبع إلى موظفي وزارة الزراعة، لا سيما الفريق الذي يتولى مهام ومسؤوليات رسمية في هذا القطاع.. جميعهم عملوا وما زالوا بروح الفريق، ويلتزمون بخطط، ويسعون لتحقيق أهداف، لكنها كلها ذات علاقة بالتغيير والتطوير، وليست مجرد إدارة ملف أو أزمة.
بالطبع الإجابة التفصيلية تحتاج لأرقام وإحصائيات، وجردة حساب من قائمة طويلة، نظرا لكثرة الملفات وتعدد المجالات التي يعملون عليها، ومن خلال متابعتي اللصيقة لجهود هذه الوزارة، أستطيع وبكل موضوعية أن أقول إن السبب في الثبات اولا ثم مطاردة الغايات الكبيرة، يكمن في وزير الزراعة الحالي، المهندس خالد الحنيفات، فهو ومن دون سابق تخطيط قدّم نموذجا من العمل المؤثر، واستطاع أن يحقق تقدما كبيرا من ناحية بناء ثقافة جديدة في هذا القطاع.
ومن بين المجالات التي ربما نلمس فرادة هذا النموذج في تعامله معها:
الانفتاح على القطاع الخاص بطريقة ضامنة لتحقيق إنجاز، وحين نتحدث عن القطاع الخاص، فنحن نتحدث عن الاستثمار وعن الصناعة وعن الجمعيات والمؤسسات العاملة في قطاع الزراعة ومجتمعاته، ونتحدث عن التجارة، وكذلك عن التكنولوجيا، وعن المال، ونتحدث أيضا عن الجهات الدولية الداعمة، والجهات المختصة بالبحث العلمي... وعن منظومة كبيرة من القوى المؤثرة وذات العلاقة بالقطاع الزراعي، من ناحية الإنتاج وأنماطه، والتسويق، والتصنيع، وتجهيز البنى التحتية المطلوبة لتمكين مثل هذا النوع من الأداء.
لم يكن التفكير بالتصنيع الزراعي ومجالاته المعروفة، كالتغليف والتعبئة والتدريج والتبريد وغيره من العمليات التي تحتاج تجهيزات وأيدٍ عاملة، وقد تحققت نجاحات كثيرة في هذا المجال، وأصبح هناك من يعمل فيها، بعد أن كانت ضيقة، ومقتصرة على بعض الشركات والاستثمارات، فأصبح المزارع اليوم يمتاز ببعد نظر حين يفكر بإنتاجه الموسمي، إذ بات التفكير بالتسويق، والتصدير، وإضافة القيمة، والجودة، والنوع... تشغل بال المزارع الذي كان لا يفكر بها سابقا، ويقوم بزراعة صنف واحد في الموسم، يكرر زراعته، ولا يفكر في شيء غيره.
وكذلك ثمة تفكير بالشراكات واستغلال الجهود المجتمعية، التي كانت ربما فردية قليلة، فوجدنا صناعات منزلية او من خلال مشاريع استثمارية صغيرة، يدشنها ويديرها ويعمل فيها جمعيات او عائلات ريفية او أشخاص من شباب، دشنوا مشاريعهم الخاصة، وانفتح المجال رحبا لصناعات غذائية ذات جودة عالية، وبأسعار منافسة، ووفرت فرصا للتنمية، وتم تأسيس ثقافة المهرجانات الزراعية المختصة، بل وبناء بنى تحتية لها، في أكثر من منطقة في الأردن، لتصبح دائمة، تقدم منتجات زراعية غذائية نوعية، كانت قبل ذلك كأنها تحف نادرة، لكنها اليوم تصنع من عائلات ريفية وشباب وحتى مؤسسات، ويجري عرضها في الأسواق، وتحقق ارباحا للعاملين بها، وهذا نموذج من تحقيق التنمية، التي كنا نتحدث عنها نظريا، ولم نلمسها على ارض الواقع، إلا بجهود وإصرار و»صمود» المهندس الحنيفات على تحقيق الغايات الكبيرة.
من خلال مقالة، لا يمكنني ان أتناول جميع الأمثلة عن نجاح القطاع الزراعي في إحداث تغيير ونهضة وتنمية، وزراعة مستدامة تلمس فوائدها وآثارها ونهضويتها.
إحداث تغيير ملموس في قطاع الزراعة، يتطلب جهدا تعرفه البشرية، وقد كان على صعيد الحضارة الإنسانية «تجريبيا» «تراكميا» ومبنيا على الحاجة.. لكن ما نشهده في القطاع الزراعي الأردني في السنوات الأخيرة، رؤية موضوعية ثاقبة، وجهود وطنية جادة، وهي في النهاية وبمثل هذا النجاح، تصلح أن تكون نموذجا يحتذى به في قطاعات أخرى، وهذا كلام قد يكفي من يفكر لمستقبل البلاد ويسعى لبناء قدارتها الذاتية، ويريد لها وللناس الخير. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك