د. صبري الربيحات يكتب: فتى الطفيلة الذي ماغاب عنها
ببالغ الأسى والحزن تودع الطفيلة اليوم احد اكثر ابناءها التصاقا بها وبتاريخها وهويتها واكثر من عبر عن اوجاعها وهمومها على مدار اكثر من خمسة عقود..
منذ سبعينيات القرن الماضي وغازي العمريين في قلب الطفيلة صورة لا تغيب وصوت لا يخبو يتابع اوجاع الناس ويرصد همومهم يتنقل ما بين قلعة السلع ومناجم الحسا يكتب عن عفرا وينبهنا الى ما قد يواجه المكان من اخطار. تراه صباحا في ضانا ومساء في ابو بنا لا يكل ولا يمل.
لقد عمل ابو ايمن على تمتين الصلات بين الأهل في الديار التي ما احب ان يعيش الا على ثراها.
فقد بقي يتنقل بين السلع والنمتة ورويم وعابل الى ان اقام دارة له على موازاة ام سراب. ليكون قريبا من المياه التي طالما اروت ضمأ الأجداد قبل ان ينخفض منسوبها بفعل الضخ الارتوازي وشح مواسم الأمطار.
لقد احال بيته الى نزل لمن يزورون الطفيلة يسعد باستقبال الضيوف ويرشدهم الى مبتغاهم ولا هم له إلا أن تكون صورة الطفيلة بيضاء ناصعة كقلوب اهلها.
الصديق ابو ايمن الذي ما احب ماء اكثر من ماء غرندل والعنصر وما طرب لالحان اكثر من طربه لهديل حمام السلع وصوت مقاقاة الشنانير الواردة على نجر المعطن.
عمل ابو ايمن مندوبا للرأي يوم كانت تعني بالسياسة أكثر من عنايتها باعلانات النعي ونشر اخبار الموت واماكن بيوت العزاء وتقسيط استحقاقات الذمم المتراكمة فاعد عشرات التحقيقات عن الموارد الطبيعية غير المستغلة والهموم غير المفهومة والخدمات المبعثرة هنا وهناك وقال ما ينبغي أن يقال لمن يهمه الأمر.
خلال موجة الكورونا الاخيرة اعتنى غازي العمريين بتنشيط منتدى السلع الثقافي فعقد عشرات الندوات واستضاف مئات المشاركين وابقى على السلع منارة ثقافية يتناسب صداها مع تاريخها المجيد الذي خلدته المسلات السومرية والاشعار التي قالها الشنفري في تهديده لمن قتلوا ابن عمومته امروء القيس " ان في الشعب الذي دون سلع ...لقتيل دمه لا يطل"
أودع اليوم ومعي اهل الطفيلة وأسرة الصحافة والرأي رجل عاصر صناع الكلمة الأوائل وبناء الوجدان الذين تشربوا الهوية وكل الذين دافعوا عن الحقيقة وامنوا بنقاء الضمير ..
الرحمة لروحك يا أبا ايمن والعزاء للاسرة والمحبين وعوض الله الطفيلة واهلها واسرتك الكريمة برحيلك.