عصام قضماني : خطاب العرش.. روح المستقبل
خطاب العرش الذي ألقاه جلالة الملك في افتتاح الدورة العادية لمجلس الأمة خاطب روح المستقبل ونحن على اعتاب خطوة متقدمة في البناءين السياسي والاقتصادي.
خطاب العرش هذه المرة لم يقدم برنامج الحكومة، فهو معلن ويعرفه النواب والأعيان، ولكنه قدّم برنامج الدولة وتوجهاتها، وقرر مبادئ وقواعد تحقق الاهداف المرجوة.
لم يدخل الخطاب في التفاصيل، فالهدف إعادة ترسيخ المبادئ والمفاهيم التي تقوم عليها الدولة وتقود خطواتها، بتركيز على الحاضر والمستقبل.
هوية الأردن ليست موضوعاً للتقييم والمراجعة، فهي حقيقة ثابتة، وهو موضوع فرغنا منه بعد مئة عام على تأسيس الدولة.
سيقال الكثير في مضامين الخطاب المباشر بمفرداته السياسية والاجتماعية والاقتصادية لكن ما يلفت الانتباه اكثر هو الاصرار على فتح آفاق المستقبل والعمل ونبذ التردد او التعذر بالظروف وغيرها من المحددات.
وان كان من ضوء اجد ان من المهم منحه اهتماماً، هو حديث جلالته عن إعداد الشباب لوظائف المستقبل.
وهنا اذكر التقرير الذي كان نشره المنتدى الاقتصادي العالمي في وقت سابق وقال فيه إن ١٤ مليون وظيفة ستختفي في غضون خمس سنوات يفترض أن يقلب التعليم ووسائله رأسا على عقب.
التقرير يقول إن الاقتصاد سيخلق 69 مليون وظيفة جديدة بحلول عام 2027 لكنه سيلغي 83 مليون وظيفة. ما يعني اختفاء 14 مليون وظيفة، أي ما يعادل 2٪ من العمالة الحالية. لن نكرر التحليل الذي أورده التقرير وهو خلاصة استطلاع رأي أصحاب العمل حول العالم، فهو منشور على موقع المنتدى الاقتصادي العالمي، لكن يجدر الإشارة إلى أن أهم الأسباب هو التحول المتسارع إلى الذكاء الاصطناعي، ولم نستغرب قبل فترة ظهور مذيعة أخبار جسدها روبوت الذكاء الاصطناعي الذي سيحل في محل البشر في كثير من الوظائف وقد كانت الآلات حلت بالفعل في محل العما? في الصناعة وخصوصا صناعة السيارات مثلا.
انتشار الذكاء الاصطناعي يستدعي ثورة تواكبه في التعليم لتغيير نمط وظائف المستقبل الذي ينتظر فيه ملايين الشباب وظائف كانوا استعدوا لها بأنماط تعليم بائدة أو تكاد.
صحيح أن الشركات ستحتاج إلى عمال من نوع خاص لمساعدتها في التعامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي وإدارتها، ومرة اخرى هذه التطورات تفرض نمطا جديدا في انظمة التعليم. طبعا العالم العربي سيتأخر في مواكبة هذه التطورات كما أن هذا التأخير سيتبعه تأخير في مواكبة ثورة الذكاء الاصطناعي.
التغيير بدأ مبكرا في عدة أدوات ووظائف حلت محل البشر أبرزها صراف البنك وأمين الصندوق وموظف إدخال البيانات وغيرها الكثير.
علينا أن نتوقف عند التغيرات الجوهرية والأسباب الجوهرية والاختلالات الهيكلية للمشكلة ولما هو قادم تفشي البطالة، فتذهب كل برامجها..! وتدابيرها سدى لأنها فقط تصب في غير المصب الذي ينبغي لها أن تفعل مهمة، لكنها ليست هي مكمن البطالة وعقدتها الهيكلية.
حل مشكلة البطالة مهمة الدولة بكل اركانها وهي مهمة اقتصادية واجتماعية وسياسية مطلوبة من جميع المؤسسات الرسمية والاهلية.
خطاب الملك بالمجمل واضح ويفسر نفسه بنفسه، شأنه دائماً، وليس بحاجة للتحليل أو التخيلات.
qadmaniisam@yahoo.com