د. محمد عوض الزبيدي : خطاب العرش: صلابة الملك وإرادة الأردنيين في وجه التحديات
في كل مرة يعتلي فيها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين منبر مجلس الأمة، تسكن كلماته في قلوب الأردنيين، فتحمل معها اسمى معاني الصلابة والعزم، وتنير الطريق نحو مستقبل واعد للأردن والأردنيين، وفي خطاب العرش الذي ألقاه جلالته خلال افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة العشرين، تجلت الحكمة الهاشمية، وعكست العزيمة التي لا تلين في قيادة الوطن نحو مراحل جديدة من البناء والتحديث.
بدأ جلالته حديثه بعبارات الثقة والمباركة، مهنئاً لأعضاء مجلس النواب الجدد اختيارهم من قبل الشعب، ومؤكداً أن هذا المجلس ليس مجرد رقم في مسيرة التشريع، بل محطة نوعية تمثل بداية جديدة لتطبيق مشروع التحديث السياسي، كلمات جلالة الملك لم تكن مجرد تهنئة، بل كانت نداءً للعمل العمل التشاركي نحو مستقبل أفضل، ودعوة صريحة لتغيير النهج والممارسات، والانتقال من الجمود إلى ديناميكية وإلى البرامج والأفكار، حيث يصبح البرلمان منبراً يعكس طموحات الشعب وأولويات الدولة في كل خطوة.
وفي قوة الواثق بمستقبل وطنه، وصلابة شعبه أكد جلالته إلى ضرورة إطلاق كافةالإمكانيات الكامنة في الاقتصاد الأردني، مشدداً على أهمية التحديث الاقتصادي كهدف وطني جامع. لم يكن حديث الملك عن الاقتصاد رقماً أو نظرية، بل رؤية متكاملة لإطلاق طاقات الشباب، وفتح الأبواب أمام فرص عمل تليق بمستقبلهم، وتُبنى على كفاءة الإنسان الأردني الذي كان وما زال أعظم ثروات الوطن.
لكن جلالته، القائد القوي الذي لا يقبل بنصف الإنجازات، شدد على أن تحديث القطاع العام هو المفتاح الحقيقي لتغيير معادلة الأداء والارتقاء بها، مشددا على أن الإدارة العامة يجب أن تكون كفؤة ونزيهة، لتكون قادرة على تقديم خدماتها بعدالة تليق بمواطن أردني يؤمن بأن كرامته فوق كل اعتبار.
وفي حديث يحمل حرارة الموقف وصدق الانتماء، للقضايا العربية استذكر جلالته مواقف الأردن البطولية في نصرة الأهل في قطاع غزة، مؤكدا جلالته أن الأردن، كما كان دائماً، لا يتزحزح عن مواقفه الثابتة تجاه القضية الفلسطينية، تلك القضية التي وصفها بأنها جوهر الصراع وميزان العدل في المنطقة والعالم، ليقولها على الملًا وبوضوح أن السلام العادل والمشرف هو الطريق الوحيد لرفع الظلم التاريخي، مشدداً على أن القدس ستبقى «قدس العروبة»، أمانة هاشمية لا مساومة عليها، وأن الدفاع عن مقدساتها واجب لا ينفصل عن شرف الهوية الأردنية، مستح?راً جلالته المشاهد الإنسانية المشرقة التي جسدها أبناء وبنات الأردن الذين كانوا أول من حمل المساعدات، وأول من عالج الجرحى، وأول من وقف بجانب الأهل في أحلك اللحظات. كان حديثه عن الأردنيين حديث الأب عن أبنائه؛ أبناء وطن نشامى، لم يتوانوا يوماً عن أداء الواجب، وكانوا دائماً في المقدمة بشرف وكبرياء.
وما بين طيات الخطاب، أكد جلالته على صلابة الأدرن أرضًا وشعبًا قائلأ أن الأردن ليس وطناً عابراً في هذا الزمن، بل هو عنوان راسخ للهوية والعزة والكرامة، قالها جلالته بصوت يصدح بالفخر: «نحن دولة لا تغامر بمستقبلها، لا تحيد عن مبادئها، ولا تقبل بسياسات لا تخدم مصالحها وتلبي تطلعات شعبها، مؤكدا أن الأردن سيبقى شامخاً، متمسكاً بثوابته، يكتب تاريخه بأيدٍ مؤمنة، ويرسم مستقبله بثبات لا يعرف الخوف.
كان ختام خطاب جلالته وعداً للأردنيين يتجدد، عهد قائد يثق بشعبه وشعبه يبادله نفس الشعور قائد يقود أمته بإيمان راسخ. «الأردن عظيم»، قالها الملك، ليس كشعار، بل كحقيقة يراها في كل أرض طيبة وفي كل وجه أردني شامخ، كلمات جلالته كانت نداءً للعزيمة، دعوة للإيمان بأن كل يوم جديد هو فرصة لصنع مستقبل لا يعرف التردد ولا يهاب التحديات. ــ الراي