د. محمد عوض الزبيدي : خمس سنوات على استعادة الباقورة والغمر: قرار ملكي يجدد العهد بأن الأردن لا يتخلى عن ترابه
في الذكرى الخامسة على استعادة الأردن أراضي الباقورة والغمر، نستذكر اليوم بكل عز وشموخ موقفًا من مواقف السيادة الوطنية التي جسدها جلالة الملك عبدالله الثاني بكل حزم وعزيمة، مؤكداً أن الوطن خط أحمر لا يُسمح بتجاوزه، وأن الأردن قوي ومتين ومتمسك بحقوقه السيادية مهما كانت الظروف.
قرار استعادة أراضي الباقورة والغمر جاء رسالة صريحة للعالم أجمع، بأن الأردن لن يتنازل عن شبر من ترابه، وأنه يقف صامدًا أمام كل من تسوّل له نفسه المساس بسيادته. ولأولئك الذين يشككون في استمرارية الأردن في الحفاظ على ترابه، وانه سيكون وطنًا بديلًا، كان هذا القرار دحضًا قاطعًا لأي وهم حول إمكانية أن يكون الأردن وطنًا بديلاً، فجلالته أعلن بوضوح أن الأردن لكل الأردنيين وللأردنيين فقط، وأن كرامته وأمنه فوق كل الاعتبارات.
مر خمس سنوات على إنهاء الأردن نظامًا خاصًا كان يسمح لإسرائيل باستخدام تلك الأراضي لمدة امتدت منذ توقيع اتفاقية وادي عربة عام 1994، ليأتي جلالة الملك في الشهر العاشر من العام 2018 بقرار حاسم يُعيد السيادة الأردنية الكاملة على أراضي الباقورة والغمر ويعيدها بذلك إلى أحضان الوطن، وينهي الملحقين الخاصين بالاتفاقية، قرار أثار فخر الأردنيين في كافة بقاع المملكة، إذ رأوا في عزم قائدهم تكريمًا لكرامتهم وحقوقهم، وبهذا القرار، أظهر الأردن قوته الدبلوماسية وإرادته السياسية الحازمة، ليبرهن أن هذا الوطن لا يقبل أن يكون جزءًا من أية تنازلات، ولا يتهاون في فرض سيادته.
وفي مشهدٍ مُفعم بالرمزية الوطنية، توجه جلالة الملك إلى أراضي الغمر والباقورة مرتديًا زيه العسكري، يرافقه ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله، وصلى ركعتين على الأرض المستعادة، هذا المشهد لم يكن مجرد لحظة عابرة، بل كان بيانًا للعالم بأن الأردن يقف متوحدًا مع أرضه، مُحصنًا بجيشه وشعبه، وأن سيادته فوق كل اعتبارات السياسة والاتفاقات.
ومنذ ذلك اليوم، يُواصل الأردن تنفيذ مشروعات تنموية في هذه الأراضي، ليصبح استرجاعها نموذجًا يحتذى به في الاستغلال الزراعي الأمثل والتنمية المحلية وتحسين مستوى معيشة البيئة المحيطة. فقد شهدت هذه المناطق تطورًا زراعيًا مذهلًا، حيث أشرفت القوات المسلحة الأردنية، بالشراكة مع القطاع الخاص، على انتاج محاصيل متنوعة لتلبية احتياجات السوق المحلية ولتصدير منتجات ذات جودة عالية. فالأردن يسير بخطى ثابتة نحو تعزيز أمنه الغذائي وتنمية مجتمعاته المحلية، وهذا ما يؤكد أن عودة الأراضي الأردنية ليست فقط انتصارًا للسيادة، بل خطوة على طريق النهوض بالاقتصاد الوطني.
لقد كانت رسالة الأردن واضحة للجميع، ليس فقط لإسرائيل، بل للعالم أجمع؛ فسيادة الأردن مقدسة، وأرضه جزء لا يتجزأ من كرامته الوطنية، وسيبقى الأردن دائمًا في حالة تأهب للحفاظ على حقوقه وحماية أراضيه.